السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالُواْ بَلۡ وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا كَذَٰلِكَ يَفۡعَلُونَ} (74)

ولما أقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام عليهم هذه الحجة الباهرة وهو أنّ الذي يعبدونه لا يسمع دعاءهم حتى يعرف مقصودهم ولو عرف ذلك لما صح أن يبذل النفع أو يدفع الضرّ فكيف يعبد ما هذه صفته ولم يجدوا ما يدفعون به حجته إلا التقليد . { قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك } أي : مثل فعلنا هذا الفعل العالي الشأن ولو لم يكن عند من نعبدهم شيء من ذلك ، ثم صوّر إحالة آبائهم في نفوسهم تعظيماً لأمرهم بقولهم : { يفعلون } أي : فنحن نفعل كما فعلوا فإنهم حقيقيون منا بأن لا نخالفهم مع سبقهم لنا إلى الوجود فهم أرصن منا عقولاً وأعظم تجربة فلولا أنهم رأوا ذلك حسناً ما واظبوا عليه ، وهذا تقليد محض خال عن أدنى نظر كما تفعل البهائم والطير في تبعها لأولها .