الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قَالَ فِيهَا تَحۡيَوۡنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنۡهَا تُخۡرَجُونَ} (25)

قوله تعالى : { وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ } : قرأ الأَخَوان وابن ذكوان " تَخْرُجون " هنا ، وفي الجاثية : { فَالْيَوْمَ لاَ يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلاَ } [ الجاثية : 35 ] وفي الزخرف : { كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ } [ الزخرف : 11 ] وفي أول الروم : { وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ وَمِنْ آيَاتِهِ } [ الروم : 19 ] قرؤوا الجميعَ مبنياً للفاعلَ ، والباقون قرؤوه مبنياً للمفعول ، وفي أول الروم خلافٌ عن ابن ذكوان . وتحرَّزْتُ بأول الروم من قوله : { إِذَآ أَنتُمْ تَخْرُجُونَ } [ الروم : 25 ] فإنه قُرئ مبنياً للفاعل من غير خلاف ، ولم يذكر بعضهم موافقةَ ابنِ ذكوان للأخَوَيْن في الجاثية . والقراءتان واضحتان .

و [ في ] قوله : { قَالاَ رَبَّنَا } [ الروم : 23 ] : فائدةُ حَذْفِ حرف النداء هنا تعظيم المنادى وتنزيهه . قال مكي : " ونداء الربِّ قد كَثُر حَذْفُ " يا " منه في القرآن ، وعلةُ ذلك أن في حذف " يا " من نداء الرب معنى التعظيم والتنزيه ، وذلك أنَّ النداءَ فيه طَرَفٌ من معنى الأمر ؛ لأنك إذا قلت : يا زيد فمعناه : تعالَ يا زيد ، أدعوك يا زيد ، فحُذِفت " يا " من نداء الرب ليزولَ معنى الأمر وينقص لأنَّ " يا " تُؤَكِّده وتُظهر معناه فكان في حذف " يا " الإِجلالُ والتعظيم والتنزيه " .