البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لِمَ تَكۡفُرُونَ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ وَأَنتُمۡ تَشۡهَدُونَ} (70)

{ قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله } قال ابن عباس : هي التوراة والإنجيل وكفرهم بها من جهة تغيير الأحكام ، وتحريف الكلام أو الآيات التي في التوراة والإنجيل من وصف النبي صلى الله عليه وسلم ، والإيمان به ، كما بين في قوله : { يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل } قاله قتادة ، والسدي ، والربيع ، وابن جريح .

أو : القرآن من جهة قولهم : { إنما يعلمه بشر } { إن هذا إلا إفك } { أساطير الأولين } والآيات التي أظهرها على يديه من : انشقاق القمر ، وحنين الجذع ، وتسبيح الحصى ، وغير ذلك .

أو : محمد والإسلام ، قاله قتادة ، أو : ما تلاه من أسرار كتبهم وغريب أخبارهم ، قاله ابن بحر أو : كتب الله ، أو : الآيات التي يبين لهم فيها صدق محمد صلى الله عليه وسلم ، وصحة نبوّته ، وأمروا فيها باتباعه ، قاله ابو علي .

{ وأنتم تشهدون } جملة حالية أنكر عليهم كفرهم بآيات الله وهم يشهدون أنها آيات الله ، ومتعلق الشهادة محذوف ، يقدّر على حسب تفسير الآيات ، فيقدّر بما يناسب ما فسرت به ، فلذلك قال قتادة ، والسدي ، والربيع : وأنتم تشهدون بما يدل على صحتها من كتابكم الذي فيه البشارة .

وقيل : تشهدون بمثلها من آيات الأنبياء التي تقرون بها ، وقيل : بما عليكم فيه من الحجة .

وقيل : إن كتبكم حق ، ولا تتبعون ما أنزل فيها .

وقيل : بصحتها إذا خلوتم .

فيكون : تشهدون ، بمعنى : تقرون وتعترفون .

وقال الراغب : أو عنى ما يكون من شهادتهم { يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم }

وقيل : تكفرون بآيات الله : تنكرون كون القرآن معجزاً ، ثم تشهدون بقلوبكم وعقولكم أنه معجز .

/خ71