البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَٰقِعٞ} (7)

والجملة المقسم عليها هي قوله : { إن عذاب ربك لواقع } .

وفي إضافة العذاب لقوله : { ربك } لطيفة ، إذ هو المالك والناظر في مصلحة العبد .

فبالإضافة إلى الرب ، وإضافته لكاف الخطاب أمان له صلى الله عليه وسلم ؛ وإن العذاب لواقع هو بمن كذابه ، ولواقع على الشدة ، وهو أدل عليها من لكائن .

ألا ترى إلى قوله : { إذا وقعت الواقعة } وقوله : { وهو واقع بهم } كأنه مهيأ في مكان مرتفع فيقع على من حل به ؟ وعن جبير بن مطعم : قدمت المدينة لأسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسارى بدر ، فوافيته يقرأ في صلاة المغرب : { والطور } إلى { إن عذاب ربك لواقع ماله من دافع } ، فكأنما صدع قلبي ، فأسلمت خوفاً من نزول العذاب ، وما كنت أظن أن أقوم من مقامي حتى يقع بي العذاب .

وقرأ زيد بن علي : واقع بغير لام .

قال قتادة : يريد عذاب الآخرة للكفار ، أي لواقع بالكفار .

ومن غريب ما يحكى أن شخصاً رأى في النوم في كفه مكتوباً خمس واوات ، فعبر له بخير ، فسأل ابن سيرين ، فقال : تهيأ لما لا يسر ، فقال له : من أين أخذت هذا ؟ فقال : من قوله تعالى : { والطور } إلى { إن عذاب ربك لواقع } ، فما مضى يومان أو ثلاثة حتى أحيط بذلك الشخص .