البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ لَا يَسۡتَطِيعُونَ نَصۡرَكُمۡ وَلَآ أَنفُسَهُمۡ يَنصُرُونَ} (197)

وتقدّم قوله { ولا يستطيعون لهم نصراً ولا أنفسهم ينصرون } قال الواحدي : أعيد هذا المعنى لأنّ الأوّل مذكور على جهة التقريع وهذا مذكور على جهة الفرق بين من تجوز له العبادة وبين من لا تجوز كأنه قيل الإله المعبود يجب أن يكون يتولّى الصالحين وهذه الأصنام ليست كذلك فلا تكون صالحة للإلهية انتهى ، ومعنى قوله على جهة التقريع أن قوله : و { لا يستطيعون } معطوف على قوله { ما لا يخلق } وهو في حيّز الإنكار والتقريع والتوبيخ على إشراكهم من لا يمكن أن يوجد شيئاً ولا ينشئه ولا ينصر نفسه فضلاً عن غيره وهذه الآية كما ذكر جاءت على جهة الفرق ومندرجة تحت الأمر بقوله : { قل ادعوا } فهذه الجمل مأمور بقولها وخطاب المشركين بها إذ كانوا يخوفون الرسول عليه السلام بآلهتهم فأمر أن يخاطبهم بهذه الجمل تحقيراً لهم ولأصنامهم وإخباراً لهم بأنّ وليه هو الله فلا مبالاة بهم ولا بأصنامهم .