اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ لَا يَسۡتَطِيعُونَ نَصۡرَكُمۡ وَلَآ أَنفُسَهُمۡ يَنصُرُونَ} (197)

قوله : { والذين تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ ولا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ } .

وفيه قولان :

الأول : أن المراد منه وصف الأصنام .

فإن قيل : هذه الأشياءُ مذكورة في الآيات المتقدمة ، فما الفائدةُ في تكريرها ؟

فالجوابُ : قال الواحديُّ : إنَّما أعيد ؛ لأنَّ الأول مذكورٌ للتَّقريع ، وهذا مذكورٌ للفرق بين من تجوز له العبادة ومن لا تجوز ، كأنَّهُ قيل : الإله المعبودُ يجبُ أن يكون بحيثُ يتولّى الصَّالحين ، وهذه الأصنام ليست كذلك فلا تكن صالحة للإلهية .

القول الثاني : أنَّ هذه الأحوال المذكورة صفات لهؤلاء المشركين الذين يدعون غير اللَّهِ يعني أنَّ الكفار كانُوا يخوفون رسول الله وأصحابه ، فقال تعالى : إنهم لا يقدرون على شيء بل إنهم قد بلغوا في الجهل والحماقة إلى أنك لو دعوتهم وأظهرت أعظم أنواع الحجة والبرهان لم يسمعوا ذلك بعقولهم ألبتة .

فإن قيل : لَمْ يتقدَّم ذكر المشركين ، وإنما تقدَّم ذكر الأصنام فكيف يصح ذلك ؟

والجوابُ : أن ذكرهم تقدم في قوله تعالى : { قُلِ ادعوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ } [ الأعراف : 195 ] .