البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَقَالَ ٱلۡمَلَأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦ لَئِنِ ٱتَّبَعۡتُمۡ شُعَيۡبًا إِنَّكُمۡ إِذٗا لَّخَٰسِرُونَ} (90)

{ وقال الملأ الذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيباً إنكم إذاً لخاسرون } أي قال بعضهم لبعض أي كبراؤهم لاتباعهم تثبيطاً عن الإيمان : { لئن اتبعتم شعيباً } فيما أمركم به ونهاكم عنه ، قال الزمخشري : ( فإن قلت ) : ما جواب القسم الذي وطأته اللام في { لئن اتبعتم } وجواب الشرط ؟ ( قلت ) : قوله { إنكم إذاً لخاسرون } سادّ مسدّ الجوابين انتهى ، والذي تقول النحويون إنّ جواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه ولذلك وجب مضي فعل الشرط فإن عنى الزمخشري بقوله سادّ مسدّ الجوابين إنه اجتزىء به عن ذكر جواب الشرط فهو قريب وإن عنى به أنه من حيث الصناعة النحوية فليس كما زعم لأن الجملة يمتنع أن تكون لا موضع لها من الإعراب وأن يكون لها موضع من الإعراب { وإذا } هنا معناها التوكيد وهي الحرف الذي هو جواب ويكون معه الجزاء وقد لا يكون وزعم بعض النحويين أنها في هذا الموضع ظرف العامل فيه { لخاسرون } والنون عوض من المحذوف والتقدير أنكم إذا اتبعتموه { لخاسرون } فلما حذف ما أضيف إليه عوض من ذلك النون فصادفت الألف فالتقى ساكنان فحذف الألف لالتقائهما والتعويض فيه مثل التعويض في يومئذ وحينئذ ونحوه وما ذهب إليه هذا الزاعم ليس بشيء لأنه لم يثبت التعويض والحذف في { إذا } التي للاستقبال في موضع فيحمل هذا عليه ، { لخاسرون } قال ابن عباس : مغبونون ، وقال عطاء : جاهلون ، وقال الضحاك : عجزة ، وقال الزمخشري : { لخاسرون } لاستبدالكم الضلالة بالهدى لقوله { أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم } وقيل تخسرون باتباعه فوائد البخس والتطفيف لأنه ينهاكم عنه ويحملكم على الإيفاء والتسوية انتهى .