تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَقَالَ ٱلۡمَلَأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوۡمِهِۦ لَئِنِ ٱتَّبَعۡتُمۡ شُعَيۡبًا إِنَّكُمۡ إِذٗا لَّخَٰسِرُونَ} (90)

الآية 90 وقوله تعالى : { وقال الملأ الذين كفروا من قومه } قد ذكرنا أن الملأ هم كبراؤهم{[8690]} وسادتهم ؛ يقولون للأتباع والسفلة { لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون } قال أبو بكر : الجاهلون .

ثم يحتمل قوله تعالى : { إنكم إذا لخاسرون } وجوها :

أحدها : أن شعيبا كان يحذر قومه بالتطفيف في الكيل والوزن ، ويأمرهم بوفاء حقوق الناس بقوله تعالى : { فأوفوا الكيل والميزان } [ الأعراف : 85 ] ولا تكونوا كذا وقوله تعالى : { ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم } [ هود : 85 ] فيقول الكبراء والرؤساء للسفلة { لئن اتبعتم شعيبا } في دينه وما يأمركم به من وفاء الحق للناس فإنكم { إذا لخاسرون } للأرباح .

والثاني : أنه كان يحذّرهم ، ويمنعهم عن عبادة الأصنام والأوثان ، ويدعوهم إلى عبادة الله ، ويرغّبهم في ذلك ، وهم كانوا يعبدون تلك الأصنام لتقرّب عبادتهم إياها إلى الله زلفى ، وتكون لهم شفعاء في الآخرة{[8691]} فقالوا : { لئن اتّبعتم شعيبا } في ما يدعوكم إليه ، وينهاكم عنه لكنتم من الخاسرين ؛ لا شفعاء لكم في الآخرة .

والثالث : أنهم كانوا يوعدون شعيبا بالإخراج بقولهم : { لنخرجنّك يا شعيب } [ الأعراف : 88 ] فقالوا : { لئن اتّبعتم شعيبا } وهو{[8692]} يخرج ، لا محالة ، فتخرجون أنتم ، فتصيرون{[8693]} من الخاسرين ، والله أعلم .


[8690]:في الأصل وم: كبراء.
[8691]:إشارة إلى قوله تعالى: {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} [الزمر:3] وقوله تعالى: {هؤلاء شفعاؤنا عند الله} [يونس:18].
[8692]:في الأصل وم: وهي.
[8693]:في الأصل وم: فصرتم.