أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{إِنَّ يَوۡمَ ٱلۡفَصۡلِ كَانَ مِيقَٰتٗا} (17)

شرح الكلمات :

{ إن يوم الفصل } : أي الفصل بين الخلائق ليجزي كل امرئ بما كسب .

{ كان ميقاتا } : أي ذا وقت محدد معين لدى الله عز وجل فلا يتقدم ولا يتأخر .

المعنى :

بعد أن ذكر تعالى آيات قدرته على البعث والجزاء الذي أنكره المشركون واختلفوا فيه ذكر في هذه الآيات عرضا وافيا للبعث الآخر وما يجري فيه ، وبدأ بذكر الأحداث للانقلاب الكوني ، ثم ذكر جزاء الطاغين تفصيلا فقال عز وجل { إن يوم الفصل } أي بين الخلائق كان ميقاتا لما أعد الله للمكذبين بلقائه الكافرين بتوحيده المنكرين لرسالة نبيه فيه ، يجزيهم الجزاء الأوفى ، ثم ذكر تعالى أحداثا تسبقه فقال { يوم ينفخ في الصور } .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّ يَوۡمَ ٱلۡفَصۡلِ كَانَ مِيقَٰتٗا} (17)

ولما{[71108]} ذكر {[71109]}ما دل{[71110]} على غاية القدرة ونهاية الحكمة فدل قطعاً على الوحدانية لأنه لو كان التعدد لم تكن الحكمة ولم تتم القدرة ، فأثمر المحبة لمن اتصف بذلك ، فأنتج للطائع الشوق إلى لقائه والترامي إلى مطالعة كمال نعمائه ، وللعاصي ما هو حقيق به من الخوف من لقائه ليرده ذلك-{[71111]} عن إعراضه وإبائه ، أتبع ما أعلم أنه ما ذكره إلا للدلالة على النبأ العظيم في لقاء العزيز الرحيم ، فقال منتجاً عما مضى من الوعيد وما دل على تمام القدرة مؤكداً لأجل إنكارهم : { إن يوم الفصل } أي-{[71112]} الذي هو النبأ العظيم ، وتقدم الإنذار به في المرسلات وما خلق الخلق إلا لجمعهم{[71113]} فيه وإظهار صفات الكمال ليفصل فيه{[71114]} بين كل ملبس فصلاً لا شبهة فيه ويؤخذ للمظلوم من الظالم { كان } أي في علم الله وحكمته كوناً لا بد منه جعل فيه كالجبلة في ذوي الأرواح { ميقاتاً * } أي حداً يوقت به الدنيا وتنتهي عنده مع ما فيها من الخلائق .


[71108]:زيد في الأصل: كان ما، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[71109]:من ظ و م، وفي الأصل: دلالة.
[71110]:من ظ و م، وفي الأصل: دلالة.
[71111]:زيد من ظ و م.
[71112]:زيد من ظ و م.
[71113]:من ظ و م، وفي الأصل: لجميعهم.
[71114]:من م، وفي الأصل و ظ: به.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{إِنَّ يَوۡمَ ٱلۡفَصۡلِ كَانَ مِيقَٰتٗا} (17)

قوله تعالى : { إن يوم الفصل كان ميقاتا 17 يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا 18 وفتحت السماء فكانت أبوابا 19 وسيّرت الجبال فكانت سرابا 20 إن جهنم كانت مرصادا 21 للطاغين مآبا 22 لابثين فيها أحقابا 23 لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا 24 إلا حميما وغسّاقا 25 جزاء وفاقا 26 إنهم كانوا لا يرجون حسابا 27 وكذبوا بآياتنا كذابا 28 وكل شيء أحصيانه كتابا 29 فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا } .

ذلك إخبار من الله عن يوم الفصل . وهو اليوم العصيب الذي يفصل الله فيه بين العباد . وذلكم يوم مشهود ومخوف يجمع الله فيه الخلائق طرّا لتواجه الحساب . وفي هذا اليوم الرهيب يرتج الكون كله فيتغير فيه البناء والصورة ويقع فيه من الأحداث الرعيبة ، والأهوال الجسام ما تزيغ منه العقول وتطير لفظاعته القلوب وتذل فيه الجباه والنواصي . ولا منجاة حينئذ للمرء إلا أن تدركه رحمة من الله .

وهذه المعاني العظيمة تتجلى ظاهرة في آيات الله القرآنية المجيدة . الآيات التي تفيض منها روعة التصوير وحلاوة النظم والتعبير . وذلكم الإعجاز . وهو قوله سبحانه : { إن يوم الفصل كان ميقاتا } يعني إن هذا اليوم كان في حكم الله وتقديره حدّا تؤقت به الدنيا ، أو حدّا للخلائق ينتهون إليه أو ميقاتا لما وعد الله من الثواب والعقاب ، أو ميقاتا لاجتماع الخلائق من أجل الفصل أو القضاء بينهم .