أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ قَالُواْ مَا هَٰذَآ إِلَّا رَجُلٞ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمۡ عَمَّا كَانَ يَعۡبُدُ ءَابَآؤُكُمۡ وَقَالُواْ مَا هَٰذَآ إِلَّآ إِفۡكٞ مُّفۡتَرٗىۚ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمۡ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (43)

شرح الكلمات :

{ آياتنا بيّنات } : أي آيات القرآن الكريم واضحات ظاهرة المعنى بيّنة الدلالة .

{ قالوا ما هذا إلا رجل } : أي ما محمد إلا رجل من الرجال .

{ يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم } : أي يريد أن يصرفكم عن عبادتكم لآلهتكم التي كان يعبدها آباؤكم من قبل .

{ إلا إفك مفترى } : أي إلا كذب مختلق مزور .

{ وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم } : أي قالوا للقرآن لما جاءهم به محمد صلى الله عليه وسلم .

{ إن هذا إلا سحر مبين } : أي ما هذا أي القرآن إلا سحر مبين أي محمد ساحر والقرآن سحر .

المعنى :

ما زال السياق في عرض مواقف المشركين المخزية والتنديد بهم والوعيد الشديد لهم . قال تعالى { وإذا تتلى عليهم } أي مشركي قريش وكفارها { آياتنا بينات } أي يتلوها رسولنا واضحات الدلالة بينات المعاني فيما تدعو إليه من الحق وتندد به من الباطل ، كان جوابهم أن قالوا : ما هذا إلا رجلٌ يريد أن يصدكم عما كان يعبد آباؤكم . أي ما محمد إلا رجل أي ليس بملكٍ يريد أن يصدكم أي يصرفكم عما كان آباؤكم من الأوثان والأحجار . فسبحان الله أين يذهب بعقول المشركين أما يخجلون لما يقولون عما كان يعبد آباؤكم من الأصنام والأوثان ، إنه يصدكم حقاً عن عبادة الأوثان ولكن إلى عبادة الرحمن . وقالوا أيضا ما أخبر تعالى به عنهم في قوله : { وقالوا : ما هذا إلا إفك } أو كذب { افتراه } أي اختلقه وتخرصه من نفسه أي قالوا في القرآن وما يحمل من تشريع وهدى ونور قالوا فيه إنه كذبه محمد صلى الله عليه وسلم سبحان الله ما أشد سخف هؤلاء المشركين : وقالوا أيضا ما أخبر تعالى به عنهم في قوله { وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين } أي قالوا في الرسول وما جاءهم به من الدعوة إلى التوحيد والإِصلاح { إن هذا } أي ما هذا إلا سحر مبين ، وذلك لما رأوا من تأثير الرسول والقرآن في نفوسهم إذ كان يحرك نفوسهم ويهزها هزاً .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَٰتٖ قَالُواْ مَا هَٰذَآ إِلَّا رَجُلٞ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمۡ عَمَّا كَانَ يَعۡبُدُ ءَابَآؤُكُمۡ وَقَالُواْ مَا هَٰذَآ إِلَّآ إِفۡكٞ مُّفۡتَرٗىۚ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلۡحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمۡ إِنۡ هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّبِينٞ} (43)

{ 43 - 45 } { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ * وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ * وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ }

يخبر تعالى عن حالة المشركين ، عندما تتلى عليهم آيات اللّه البينات ، وحججه الظاهرات ، وبراهينه القاطعات ، الدالة على كل خير ، الناهية عن كل شر ، التي هي أعظم نعمة جاءتهم ، ومِنَّةٍ وصلت إليهم ، الموجبة لمقابلتها بالإيمان والتصديق ، والانقياد ، والتسليم ، أنهم يقابلونها بضد ما ينبغي ، ويكذبون من جاءهم بها ويقولون : { مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ } أي : هذا قصده ، حين يأمركم بالإخلاص للّه ، لتتركوا عوائد آبائكم ، الذين تعظمون وتمشون خلفهم ، فردوا الحق ، بقول الضالين ، ولم يوردوا{[740]}  برهانا ، ولا شبهة .

فأي شبهة إذا أمرت الرسل بعض الضالين ، باتباع الحق ، فادَّعوا أن إخوانهم ، الذين على طريقتهم ، لم يزالوا عليه ؟ وهذه السفاهة ، ورد الحق ، بأقوال الضالين ، إذا تأملت كل حق رد ، فإذا هذا مآله لا يرد إلا بأقوال الضالين من المشركين ، والدهريين ، والفلاسفة ، والصابئين ، والملحدين في دين اللّه ، المارقين ، فهم أسوة كل من رد الحق إلى يوم القيامة .

ولما احتجوا بفعل آبائهم ، وجعلوها دافعة لما جاءت به الرسل ، طعنوا بعد هذا بالحق ، { وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى } أي : كذب افتراه هذا الرجل ، الذي جاء به . { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ } أي : سحر ظاهر بيِّن لكل أحد ، تكذيبا بالحق ، وترويجا على السفهاء .


[740]:- كذا في ب، وفي أ: ولم يردوا.