تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَلَآ إِنَّهُمۡ فِي مِرۡيَةٖ مِّن لِّقَآءِ رَبِّهِمۡۗ أَلَآ إِنَّهُۥ بِكُلِّ شَيۡءٖ مُّحِيطُۢ} (54)

وقوله : { أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ } أي : في شك من قيام الساعة ؛ ولهذا لا يتفكرون فيه ، ولا يعملون له ، ولا يحذرون منه ، بل هو عندهم هَدَرٌ لا يعبئون به وهو واقع لا ريب فيه وكائن لا محالة .

قال ابن أبي الدنيا : حدثنا أحمد بن إبراهيم ، حدثنا خلف بن تميم ، حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد الأنصاري : أن عمر بن عبد العزيز صَعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، أيها الناس ، فإني لم أجمعكم لأمر أحدثه فيكم ، ولكن فكرت في هذا الأمر الذي أنتم إليه صائرون ، فعلمت أن المصدق بهذا الأمر أحمق ، والمكذب به هالك ثم نزل .

ومعنى قوله ، رضي الله عنه : " أن المصدق به أحمق " أي : لأنه لا يعمل له عمل مثله ، ولا يحذر منه ولا يخاف من هوله ، وهو مع ذلك مصدق به موقن بوقوعه ، وهو مع ذلك يتمادى في لعبه وغفلته وشهواته وذنوبه ، فهو أحمق بهذا الاعتبار ، والأحمق في اللغة : ضعيف العقل .

وقوله : " والمكذب به هالك " هذا واضح ، والله أعلم .

ثم قال تعالى - مقررا على أنه على كل شيء قدير ، وبكل شيء محيط ، وإقامة الساعة لديه يسير سهل عليه تبارك وتعالى - : { أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ } أي : المخلوقات كلها تحت قهره وفي قبضته ، وتحت طي علمه ، وهو المتصرف فيها كلها بحكمه ، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن . [ آخر تفسير سورة فصلت ] {[25756]} .


[25756]:- (1) زيادة من ت، س، أ.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَلَآ إِنَّهُمۡ فِي مِرۡيَةٖ مِّن لِّقَآءِ رَبِّهِمۡۗ أَلَآ إِنَّهُۥ بِكُلِّ شَيۡءٖ مُّحِيطُۢ} (54)

وقوله : { ألا } استفتاح يقتضي إقبال السامع على ما يقال له ، فاستفتح الإخبار على أنهم في شك وريب وضلال أداهم إلى الشك في البعث .

وقرأ جمهور الناس : «في مِرية » بكسر الميم . وقرأ أبو عبد الرحمن والحسن : «في مُرية » بضم الميم ، والمعنى واحد ، ثم استفتح الإخبار بإحاطته بكل شيء على معنى الوعيد لهم ، وإحاطته تعالى هي بالقدرة والسلطان ، لا إله إلا هو ، العزيز الحكيم .

نجز تفسير سورة { حم } السجدة ، والحمد لله رب العالمين .