تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَفِي عَادٍ إِذۡ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمُ ٱلرِّيحَ ٱلۡعَقِيمَ} (41)

ثم قال : { وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ } أي : المفسدة التي لا تنتج شيئا . قاله الضحاك ، وقتادة ، وغيرهما .

ولهذا قال : { مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَفِي عَادٍ إِذۡ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمُ ٱلرِّيحَ ٱلۡعَقِيمَ} (41)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرّيحَ الْعَقِيمَ * مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاّ جَعَلَتْهُ كَالرّمِيمِ } .

يقول تعالى ذكره : وفِي عادٍ أيضا ، وما فعلنا بهم لهم آية وعبرة إذْ أرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرّيحَ العَقِيمَ يعني بالريح العقيم : التي لا تلقح الشجر . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن خَصِيف ، عن عكرِمة ، عن ابن عباس ، قال : الريح العقيم : الريح الشديدة التي لا تُلْقح شيئا .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : الرّيحَ العَقِيمِ قال : لا تلقح الشجر ، ولا تثير السحاب .

حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، هذا الريح العقيم ، قال : ليس فيها رحمة ولا نبات ، ولا تلقح نباتا .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا سليمان أبو داود ، قال : أخبرنا شعبة ، عن شاس ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : الرّيحَ العَقِيم قال : لا تلقح .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا شيخ من أهل خراسان من الأزد ، ويكنى أبا ساسان ، قال : سألت الضحاك بن مزاحم ، عن قوله : الرّيحَ العَقِيمَ قال : الريح التي ليس فيها بركة ولا تلقح الشجر .

حدثنا محمد بن عبد الله الهلاليّ ، قال : حدثنا أبو عليّ الحنفيّ ، قال : حدثنا ابن أبي ذئب ، عن الحارث بن عبد الرحمن ، عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول : الرّيحَ العَقِيمَ الجنوب .

حدثنا أحمد بن الفرج ، قال : حدثنا ابن أبي فديك ، قال : حدثنا ابن أبي ذئب ، عن خاله الحارث بن عبد الرحمن يقول : العقيم : يعني : الجنوب .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وفِي عادٍ إذْ أرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرّيحَ العَقِيمَ إن من الريح عقيما وعذابا حين ترسل لا تلقح شيئا ، ومن الريح رحمة يثير الله تبارك وتعالى بها السحاب ، وينزل بها الغيث . وذُكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : «نُصِرْتُ بالصبّا وأُهْلِكَتْ عادٌ بالدّبُورِ » .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن ابن عباس ، بمثله .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : الرّيحَ العَقِيمَ قال : الريح التي لا تنبت .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : الرّيحَ العَقِيمَ : التي لا تلقح شيئا .

حدثني ابن حَميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، قال الرّيحَ العَقِيمَ : التي لا تنبت شيئا .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وفِي عادٍ إذْ أرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرّيحَ العَقِيمَ قال : إن الله تبارك وتعالى يُرسل الريح بُشرا بين يدي رحمته ، فيحيي به الأصل والشجر ، وهذه لا تلقح ولا تحيى ، هي عقيم ليس فيها من الخير شيء ، إنما هي عذاب لا تلقح شيئا ، وهذا تلقح ، وقرأ وأرْسَلْنا الرّياحَ لَوَاقِحَ .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَفِي عَادٍ إِذۡ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمُ ٱلرِّيحَ ٱلۡعَقِيمَ} (41)

نظم هذه الآية مثل نظم قوله : { وفي موسى إذ أرسلناه إلى فرعون } [ الذاريات : 38 ] انتقل إلى العبرة بأمة من الأمم العربية وهم عاد وهم أشهر العرب البائدة .

و { الريح العقيم } هي : الخليّة من المنافع التي تُرجى لها الرياح من إثارة السحاب وسوقه ، ومن إلقاح الأشجار بنقل غبرة الذكر من ثمار إلى الإِناث من أشجارها ، أي الريح التي لا نفع فيها ، أي هي ضارّة . وهذا الوصف لما كان مشتقاً مما هو من خصائص الإِناث كان مستغنياً عن لحاق هاء التأنيث لأنها يُؤتى بها للفرق بين الصنفين . والعرب يكرهون العقم في مواشيهم ، أي ريح كالناقة العقيم لا تثمر نسلاً ولا دَرًّا ، فوصف الريح بالعقيم تشبيه بليغ في الشؤم ، قال تعالى : { أو يأتيهم عذاب يوم عقيم } [ الحج : 55 ] .