تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَفِي عَادٍ إِذۡ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمُ ٱلرِّيحَ ٱلۡعَقِيمَ} (41)

الآية 41 وقوله تعالى : { وفي عادٍ إذ أرسلنا } أي في أمر عاد بيّنة وآية وعبرة للمؤمنين كقوله تعالى : { وفي الأرض آيات للموقنين } [ الذاريات : 20 ] .

وقوله تعالى : { إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم } أي أُهلكوا بالريح .

وقد بلغ من عُتُوّهم أن قالوا : { من أشد منا قوة } [ فصلت : 15 ] فأذلّهُم الله تعالى حتى خَضَعوا لأضعف شيء ، وأخافهم منه ، وهي الأصنام التي عبدوها حتى خوّفوا ، وقالوا : { إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء } [ هود : 54 ] وذلك غاية الذُّل والهوان : أن خافوا من أضعف شيء وأعجزه بعد ما بلغ من عتوّهم وتمرّدهم أن قالوا : { من أشدّ منا قوة } [ فصلت : 15 ] .

وقوله تعالى : { الريح العقيم } قال أبو عوسجة : تفسيرها ما ذكر في الآية [ التالية ]{[19921]} : { ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرّميم } .

وقال غيره : العقيم ، هو الذي لا خير فيه ، ولا بركة ، أي عقِمَت عن الخيرات ، ولذلك يقال للمرأة التي لا تلد والرجل الذي لا يولد له : العقيم لما أنه ليس منهما منفعة الولد ولا بركته ، فعلى ذلك الريح العقيم ، أي لا منفعة فيها ولا بركة .

فأما للمؤمنين فهي نافعة حين{[19922]} أهلكت أعداءهم ، ولم تُهلِكهم . وفي ذلك تطهير الأرض من نجاسة الكفر .

وفي الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ نُصرت بالصّبا ، وأُهلكت عاد بالدّبور ] [ البخاري 1035 ] .

وقيل : الريح العقيم هي الدبور ، وهي التي لا تُلقح الأشجار والسحاب والنبات .


[19921]:ساقطة من الأصل وم.
[19922]:في الأصل وم: أيضا حيث.