قوله تعالى : { وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم } وفيه ما ذكرنا من الوجوه التي ذكرناها في عطف موسى عليه السلام ، وفيه مسائل :
المسألة الأولى : ذكر أن المقصود هاهنا تسلية قلب النبي صلى الله عليه وسلم وتذكيره بحال الأنبياء ، ولم يذكر في عاد وثمود أنبياءهم ، كما ذكر إبراهيم وموسى عليهما السلام ، نقول في ذكر الآيات ست حكايات : حكاية إبراهيم عليه السلام وبشارته ، وحكاية قوم لوط ونجاة من كان فيها من المؤمنين ، وحكاية موسى عليه السلام ، وفي هذه الحكايات الثلاث ذكر الرسل والمؤمنين ، لأن الناجين فيهم كانوا كثيرين ، أما في حق إبراهيم وموسى عليهما السلام فظاهر ، وأما في قوم لوط فلأن الناجين ، وإن كانوا أهل بيت واحد ، ولكن المهلكين كانوا أيضا أهل بقعة واحدة .
وأما عاد وثمود وقوم نوح فكان عدد المهلكين بالنسبة إلى الناجين أضعاف ما كان عدد المهلكين بالنسبة إلى الناجين من قوم لوط عليه السلام .
فذكر الحكايات الثلاث الأول للتسلية بالنجاة ، وذكر الثلاث المتأخرة للتسلية بإهلاك العدو ، والكل مذكور للتسلية بدليل قوله تعالى في آخر هذه الآيات : { كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون } إلى أن قال : { فتول عنهم فما أنت بملوم * وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين } .
وفي هود قال بعد الحكايات : { ذلك من أنباء القرى نقصه عليك } إلى أن قال : { وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد } فذكر بعدها ما يؤكد التهديد ، وذكر بعد الحكايات هاهنا ما يفيد التسلي ، وقوله : { العقيم } أي ليست من اللواقح لأنها كانت تكسر وتقلع فكيف كانت تلقح والفعيل لا يلحق به تاء التأنيث إذا كان بمعنى مفعول وكذلك إذا كان بمعنى فاعل في بعض الصور ، وقد ذكرنا سببه أن فعيل لما جاء للمفعول والفاعل جميعا ولم يتميز المفعول عن الفاعل فأولى أن لا يتميز المؤنث عن المذكر فيه لأنه لو تميز لتميز الفاعل عن المفعول قبل تميز المؤنث والمذكر لأن الفاعل جزء من الكلام محتاج إليه فأول ما يحصل في الفعل الفاعل ثم التذكير والتأنيث يصير كالصفة للفاعل والمفعول ، تقول فاعل وفاعلة ومفعول ومفعولة ، ويدل على ذلك أيضا أن التمييز بين الفاعل والمفعول جعل بحرف ممازج للكلمة فقيل فاعل بألف فاصلة بين الفاء والعين التي هي من أصل الكلمة ، وقيل مفعول بواو فاصلة بين العين واللام والتأنيث كان بحرف في آخر الكلمة فالمميز فيهما غير نظم الكلمة لشدة الحاجة وفي التأنيث لم يؤثر ، ولأن التمييز في الفاعل والمفعول كان بأمرين يختص كل واحد منهما بأحدهما فالألف بعد الفاء يختص بالفاعل والميم والواو يختص بالمفعول والتمييز في التذكير والتأنيث بحرف عند وجوده يميز المؤنث وعند عدمه يبقى اللفظ على أصل التذكير فإذا لم يكن فعيل يمتاز فيه الفاعل عن المفعول إلا بأمر منفصل كذلك المؤنث والمذكر لا يمتاز أحدهما عن الآخر إلا بحرف غير متصل به .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.