تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَوۡمَ تَمُورُ ٱلسَّمَآءُ مَوۡرٗا} (9)

وقوله : { يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا } : قال ابن عباس وقتادة : تتحرك تحريكا . وعن ابن عباس : هو تشققها ، وقال مجاهد : تدور دورا . وقال الضحاك : استدارتها وتحريكها لأمر الله ، وموج بعضها في بعض . وهذا اختيار ابن جرير أنه التحرك {[27496]} في استدارة . قال : وأنشد أبو عبيدة معمر بن المثنى بيت الأعشى :

كأن مشْيَتَها من بيتِ جَارتها *** مَورُ السحابة لا رَيْثٌ ولا عجل {[27497]}


[27496]:- (1) في م، أ: "المتحرك".
[27497]:- (2) البيت في تفسير الطبري (27/13).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يَوۡمَ تَمُورُ ٱلسَّمَآءُ مَوۡرٗا} (9)

القول في تأويل قوله تعالى : { يَوْمَ تَمُورُ السّمَآءُ مَوْراً * وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْراً } .

يقول تعالى ذكره : إن عذاب ربك لواقع يَوْمَ تَمُورُ السّماءُ مَوْرا فيوم من صلة واقع ، ويعني بقوله : تمور : تدور وتكفأ . وكان معمر بن المثنى يُنشد بيت الأعشى :

كأنّ مِشْيَتَها مِنْ بَيْتِ جارَتِها *** مَوْرُ السّحابَةِ لا رَيْثٌ وَلا عَجَلُ

فالمور على روايته : التكفؤ والترهيل في المشية ، وأما غيره فإنه كان يرويه مرّ السحابة .

واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم فيه نحو الذي قلنا فيه . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : يَوْمَ تَمُورُ السّماءُ مَوْرا قال : يقول : تحريكا .

حدثنا ابن المثنى وعمرو بن مالك ، قالا : حدثنا أبو معاوية الضرير ، عن سفيان بن عُيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : يَوْمَ تَمُورُ السّماءُ مَوْرا قال : تدور السماء دَوْرا .

حدثنا الحسن بن عليّ الصدائي ، قال : حدثنا إبراهيم بن بشار ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة قال : أخبروني عن معاوية الضرير ، عني ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد يَوْمَ تَمُورُ السّماءُ مَوْرا قال : تدور دورا .

حدثنا هارون بن حاتم المقري ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، قال : ثني أبو معاوية ، عني ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد يَوْمَ تَمُورُ السّماءُ مَوْرا قال : تدور دورا .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : يَوْمَ تَمُورُ السّماءُ مَوْرا مورها : تحريكها .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : يَوْمَ تَمُورُ السّماءُ مَوْرا يعني : استدارتها وتحريكها لأمر الله ، وموج بعضها في بعض .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، قال : قال الضحاك يَوْم تَمُورُ السّماءُ مَوْرا قال : تموج بعضها في بعض ، وتحريكها لأمر الله .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : يَوْمَ تَمُورُ السّماءُ مَوْرا قال : هذا يوم القيامة ، وأما المور : فلا علم لنا به .

وقال آخرون : مورها : تشققها . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : يَوْمَ تَمُورُ السّماءُ مَوْرا قال : يوم تشقّق السماء .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَوۡمَ تَمُورُ ٱلسَّمَآءُ مَوۡرٗا} (9)

يجوز أن يتعلق { يوم تمور السماء } بقوله : { لواقع } [ الذاريات : 7 ] على أنه ظرف له فيكون قوله : { فويل يومئذٍ للمكذبين } تفريعاً على الجملة كلها ويكون العذاب عذاب الآخرة .

ويجوز أن يكون الكلام قد تم عند قوله : { إن عذاب ربك لواقع } [ الذاريات : 7 ] ، فيكون { يوم } متعلقاً بالكون الذي بين المبتدأ والخبر في قوله : { فويل يومئذٍ للمكذبين } وقدم الظرف على عامله للاهتمام ، فلما قدم الظرف اكتسب معنى الشرطية وهو استعمال متبع في الظروف والمجرورات التي تُقدم على عواملها فلذلك قرنت الجملة بعده بالفاء على تقدير : إن حَلَّ ذلك اليوم فويل للمكذبين .

وقوله : { يومئذٍ } على هذا الوجه أريد به التأكيد للظرف فحصل تحقيق الخبر بطريقين طريق المجازاة ، وطريق التأكيد في قوله : { يوم تمور السماء موراً } الآية ، تصريح بيوم البعث بعد أن أشير إليه تضمناً بقوله : { إن عذاب ربك لواقع } فحصل بذلك تأكيده أيضاً .

والمور بفتح الميم وسكون الواو : التحرك باضطراب ، ومور السماء هو اضطراب أجسامها من الكواكب واختلال نظامها وذلك عند انقراض عالم الحياة الدنيا .