الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{يَوۡمَ تَمُورُ ٱلسَّمَآءُ مَوۡرٗا} (9)

قوله تعالى : " يوم تمور السماء مورا " العامل في يوم قوله : " واقع " أي يقع العذاب بهم يوم القيامة وهو اليوم الذي تمور فيه السماء . قال أهل اللغة : مار الشيء يمور مورا ، أي تحرك وجاء وذهب كما تتكفأ النخلة العيدانة ، أي الطويلة ، والتمور مثله . وقال الضحاك : يموج بعضها في بعض . مجاهد : تدور دورا . أبو عبيدة والأخفش : تكفأ ، وأنشد للأعشى :

كأن مشيتَها من بيت جارتها *** مَوْرُ السحابة لا رَيْثٌ ولاَ عَجَلُ

وقيل تجري جريا . ومنه قول جرير :

وما زالت القتلى تَمُورُ دماؤها *** بدجلة حتى ماءُ دجلةَ أشْكَلُ{[14287]}

وقال ابن عباس : تمور السماء يومئذ بما فيها وتضطرب . وقيل : يدور أهلها فيها ويموج بعضهم في بعض . والمور أيضا الطريق . ومنه قول طرفة :

. . . فوقَ مَوْرٍ مُعَبَّدِ{[14288]}

والمور الموج . وناقة موارة اليد أي سريعة . والبعير يَمُورُ عضداه إذا ترددا في عرض جنبه ، قال الشاعر :

على ظهر مَوَّارِ المِلاَطِ حِصَانِ

الملاط الجنب . وقولهم : لا أدري أغارَ أم مارَ ، أي أتى غورا أم دار فرجع إلى نجد . والمور بالضم الغبار بالريح . وقيل : إن السماء ها هنا الفلك ومَوْرُهُ اضطراب نظمه واختلاف سيره . قاله ابن بحر .


[14287]:الأشكل: ما فيه بياض وحمرة.
[14288]:البيت من معلقته وتمامه: تبارى عتاقا ناجيات وأتبعت *** وظيفا وظيفا فوق مور معبد تبارى: تعارض. والعتاق: النوق الكرام. والناجيات: السريعات. والوظيف: عظم الساق. والمعبد: المذلل.