تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَتَرَكۡنَا فِيهَآ ءَايَةٗ لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِيمَ} (37)

وقوله : { وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الألِيمَ } أي : جعلناها عبرة ، لما أنزلنا بهم من العذاب والنكال وحجارة السجيل ، وجعلنا {[27447]} محلتهم بحيرة منتنة خبيثة ، ففي ذلك عبرة للمؤمنين ، { لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الألِيمَ }


[27447]:- (2) في م، أ: "وجعل".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَتَرَكۡنَا فِيهَآ ءَايَةٗ لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِيمَ} (37)

وقوله : وَتَرَكْنا فِيها آيَةً للّذِينَ يَخَافُونَ العَذَابَ الألِيمَ يقول : وتركنا في هذه القرية التي أخرجنا من كان فيها من المؤمنين آية ، وقال جلّ ثناؤه : وَتَرَكْنا فِيها آيَةً والمعنى : وتركناها آية لأنها التي ائتفكت بأهلها ، فهي الاَية ، وذلك كقول القائل : ترى في هذا الشيء عبرة وآية ومعناها : هذا الشيء آية وعبرة ، كما قال جلّ ثناؤه لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَآخْوَتِهِ آياتٌ للسّائِلِينَ وهم كانوا الاَيات وفعلهم ، ويعني بالاَية : العظة والعبرة ، للذين يخافون عذاب الله الأليم في الاَخرة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَتَرَكۡنَا فِيهَآ ءَايَةٗ لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِيمَ} (37)

المعنى : { وتركنا } في القرية المذكورة ، وهي سدوم أثراً من العذاب باقياً مؤرخاً لا يفنى ذكره فهو : { آية } أي علامة على قدرة الله وانتقامه من الكفرة . ويحتمل أن يكون . والمعنى : { وتركنا } في أمرها كما قال : { لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين }{[10609]} [ يوسف : 7 ] وقال ابن جريج : ترك فيها حجراً منضوداً كثيراً جداً . و : { للذين يخافون العذاب } هم العارفون بالله تعالى .


[10609]:الآية (7) من سورة (يوسف).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَتَرَكۡنَا فِيهَآ ءَايَةٗ لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِيمَ} (37)

معنى { وتركنا فيها آية } : أن القرية بقيت خراباً لم تعمر ، فكان ما فيها من آثار الخراب آية للذين يخافون عذاب الله ، قال تعالى في سورة الحجر ( 76 ) { وإنها لبسبيل مقيم } أو يعود الضمير إلى ما يؤخذ من مجموع قوله : { قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين } [ الذاريات : 32 ] على تأويل الكلام بالقصة ، أي تركنا في قصتهم .

والترك حقيقته : مفارقة شخص شيئاً حصل معه في مكان ففارق ذلك المكان وأبقى منه ما كان معه ، كقول عنترة :

فتركتُه جَزر السباع ينُشْنَه

ويطلق على التسبب في إيجاد حالة تطول ، كقول النابغة :

فلا تتركَنّي بالوعيد كأنني *** إلى الناس مطليُّ به القارُ أجرب

بتشبيه إبقاء تلك الحالة فيه بالشيء المتروك في مكان . ووجه الشبه عدم التغير .

والترك في الآية : كناية عن إبقاء الشيء في موضع دون مفارقة التارك ، أو هو مجاز مرسل في ذلك فيكون نظير ما في بيت النابغة .

و { الذين يخافون العذاب } هم المؤمنون بالبعث والجزاء من أهل الإِسلام وأهل الكتاب دون المشركين فإنهم لما لم ينتفعوا بدلالة مواقع الاستئصال على أسباب ذلك الاستئصال نُزلت دلالة آيتِه بالنسبة إليهم منزلةَ ما ليس بآية كما قال تعالى : { فذكر بالقرآن من يخاف وعيد } [ ق : 45 ] .

والمعنى : أن الذين يخافون اتعظوا بآية قوم لوط فاجتنبوا مثلَ أسباب إهلاكهم ، وأن الذين أشركوا لا يتعظون فيوشك أن ينزل عليهم عذاب أليم .