السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَتَرَكۡنَا فِيهَآ ءَايَةٗ لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِيمَ} (37)

{ وتركنا } أي : بما لنا من العظمة { فيها } أي تلك القرى بما أوقعنا بها من العذاب { آية } أي علامة عبرة على هلاكهم كالحجارة أو الماء المنتن ، فإنا قلعنا قراهم كلها وصعدت في الجوّ كالغمام إلى عنان السماء ولم يشعر أحد من أهلها بشيء من ذلك ثم قلبت واتبعت بالحجارة ثم خسف بها وغمرت بالماء الذي لا يشبهه شيء من مياه الأرض ، كما أنّ جنايتهم لم تكن تشبه جناية أحد ممن تقدّمهم من أهل الأرض { للذين يخافون العذاب الأليم } أي : أن يحل بهم كما حل بهذه القرى في الدنيا من رفع الملائكة لهم في الهواء الذاري إلى عنان السماء وقلبهم وإتباعهم الحجارة المحرقة ، وغمرهم بالماء المناسب لفعلهم بنتنه وعدم نفعه ، وما ادّخر لهم في الآخرة أعظم وخص الذين يخافون بالذكر لأنهم المعتبرون بها .