تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَفَبِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِ أَنتُم مُّدۡهِنُونَ} (81)

وقوله : { أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ } قال العَوْفِيّ ، عن ابن عباس : أي مكذبون غير مصدقين . وكذا قال الضحاك ، وأبو حَزْرَة ، والسُّدِّيّ .

وقال مجاهد : { مُدْهِنُونَ } أي : تريدون أن تمالئوهم فيه وتركنوا إليهم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَفَبِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِ أَنتُم مُّدۡهِنُونَ} (81)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَفَبِهََذَا الْحَدِيثِ أَنتُمْ مّدْهِنُونَ * وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنّكُمْ تُكَذّبُونَ * فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلََكِن لاّ تُبْصِرُونَ } .

يقول تعالى ذكره : أفبهذا القرآن الذي أنبأتكم خبره ، وقصصت عليكم أمره أيها الناس أنتم تلينون القول للمكذّبين به ، ممالأة منكم لهم على التكذيب به والكفر .

واختلف أهل التأويل في تأويله ، فقال بعضهم في ذلك نحو قولنا فيه . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : أفَبِهَذَا الحَدِيثِ أنْتُمْ مُدْهِنُونَ قال : تريدون أن تمالئوهم فيه ، وتركنوا إليهم .

وقال آخرون : بل معناه : أفبهذا الحديث أنتم مكذّبون . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : أفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أنْتُمْ مُدْهِنُونَ يقول : مكذّبون غير مصدّقين .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، في قوله : أنْتُمْ مُدْهِنُونَ يقول : مكذّبون .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَفَبِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِ أَنتُم مُّدۡهِنُونَ} (81)

وقوله عز وجل : { أفبهذا الحديث أنتم مدهنون } مخاطبة للكفار ، و { الحديث } المشار إليه هو القرآن المتضمن البعث ، وإن الله تعالى خالق الكل وإن ابن آدم مصرف بقدره وقضائه وغير ذلك و : { مدهنون } معناه : يلاين بعضكم بعضاً ويتبعه في الكفر ، مأخوذ من الدهن للينه وإملاسه . وقال أبو قيس بن الأسلت :

الحزم والقوة خير من ال *** إدهان والفهة والهاع{[10936]}

وقال ابن عباس : هو المهاودة فيما لا يحل . والمداراة هي المهاودة فيما يحل ، وقال ابن عباس : { مدهنون } مكذبون .


[10936]:الحزم: ضبط الرأي وإتقانه، والإدهان والمداهنة: المصانعة واللين، ويقومان على الغش والنفاق وإظهار خلاف ما في الضمير، والكذب فيه كل ذلك، وهذا هو موضع الاستشهاد هنا، والفهّة: العِي والعجز عن الإنابة، وقيل: معناها السقطة، قال أبو عبيدة ابن الجراح لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما حين قال له يوم السقيفة: ابسط يدك أبايعك: فقال أبو عبيدة: ما رأيت منك فهة في الإسلام قبلها، أتبايعني وفيكم الصديق ثاني اثنين؟ والهاع: سوء الحرص مع الضعف، والبيت في اللسان-هيع-، وفي (جمهرة أشعار العرب)، والرواية فيهما: الكيس والقوة خير من الـ إشفاق والفهة والهاع وعلى هذا فلا شاهد فيه. والبيت في الأصمعية(75)، والرواية فيهما:(خير من الإدهان والفكة)-بالكاف- ومعناها: الضعف، وهو أيضا في (البيان والتبيين) وفي (الحيوان)، وفي (السمط).
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{أَفَبِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِ أَنتُم مُّدۡهِنُونَ} (81)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{أفبهذا الحديث} يعني القرآن {أنتم مدهنون} يعني تكفرون، مثل قوله: {ودوا لو تدهن فيدهنون} [القلم:9]...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: أفبهذا القرآن الذي أنبأتكم خبره، وقصصت عليكم أمره أيها الناس أنتم تلينون القول للمكذّبين به، ممالأة منكم لهم على التكذيب به والكفر... وقال آخرون: بل معناه: أفبهذا الحديث أنتم مكذّبون...

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

المدهن الذي لا يفعل ما يحق عليه ويدفعه بالعلل...

المدهن: المنافق الذي ليّن جانبه ليخفي كفره. وقال بعض أئمّة اللغة: مدهنون أي تاركون للحزم في قبول هذا القرآن والتهاون بأمره.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

يقول الله تعالى مخاطبا للمكلفين على وجه التقريع لهم والتوبيخ بصورة الاستفهام "أفبهذا الحديث " الذي حدثناكم به وأخبرناكم به من حوادث الأمور... وسماه الله تعالى حديثا كما قال " الله نزل احسن الحديث كتابا متشابها " ومعناه معنى الحدوث شيئا بعد شيء... والمدهن الذي يجري في الباطل على خلاف الظاهر، كالدهن في سهولة ذلك عليه والإسراع فيه، أدهن يدهن إدهانا وداهنه مداهنة مثل نافقه منافقة، وكل مدهن بصواب الحديث مذموم.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

{مدهنون}... وقال ابن عباس: هو المهاودة فيما لا يحل. والمداراة هي المهاودة فيما يحل.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

{أفبهذا الحديث} الذي تتحدثون به {أنتم مدهنون} لأصحابكم تعلمون خلافه وتقولونه، أم أنتم به جازمون، وعلى الإصرار عازمون...والتحقيق فيه أن الإدهان: تليين الكلام لاستمالة السامع من غير اعتقاد صحة الكلام من المتكلم كما أن العدو إذا عجز عن عدوه يقول له أنا داع لك ومثن عليك مداهنة وهو كاذب، فصار استعمال المدهن في المكذب استعمالا ثانيا...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{أفبهذا} ولما كان الإنسان مغرماً بما يجدد له من النعم ولو هان فكيف إذا كان أعلى النعم قال: {الحديث} أي الذي تقدمت أوصافه العالية وهو متجدد إليكم إنزاله وقتاً بعد وقت {أنتم} أي وأنتم العرب الفصحاء والمفوهون البلغاء {مدهنون} أي كذابون منافقون بسببه تظهرون غير ما تبطنون أنه كذاب وأنتم تعلمون صدقه بحسن معانيه، وعجزكم عن مماثلته في نظومه ومبانيه، وتقولون: لو شئنا لقلنا مثل هذا: وجميع أفعالكم تخالف هذا فإنكم تصبرون لوقع السيوف ومعانقة الحتوف، ولا تأتون بشيء يعارضه يبادئ شيئاً منه أو يناقضه. أو تلاينون أيها المؤمنون من يكذب به ويطعن في علاه أو يتوصل ولو على وجه خفي إلى نقض شيء من عراه، تهاوناً به ولا يتصلبون في تصرفه تعظيماً لأمره حتى يكونوا أصلب من الحديد...