فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَفَبِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِ أَنتُم مُّدۡهِنُونَ} (81)

{ أفبهذا الحديث أَنتُمْ مُّدْهِنُونَ } الإشارة إلى القرآن المنعوت بالنعوت السابقة ، والمدهن والمداهن : المنافق . كذا قال الزجاج وغيره . وقال عطاء وغيره : هو الكذاب . وقال مقاتل بن سليمان وقتادة : مدهنون : كافرون ، كما في قوله : { وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ } [ القلم : 9 ] وقال الضحاك : مدهنون : معرضون ، وقال مجاهد : ممالئون للكفار على الكفر ، وقال أبو كيسان : المدهن : الذي لا يعقل حق الله عليه ، ويدفعه بالعلل . والأوّل أولى ، لأن أصل المدهن الذي ظاهره خلاف باطنه ، كأنه يشبه الدهن في سهولته . قال المؤرج : المدهن المنافق الذي يلين ليخفي كفره ، والإدهان والمداهنة : التكذيب والكفر والنفاق وأصله اللين ، وأن يسر خلاف ما يظهر ، وقال في الكشاف : مدهنون : أي متهاونون به كمن يدهن في الأمر : أي يلين جانبه ولا يتصلب فيه تهاوناً به انتهى .

قال الراغب : والإدهان في الأصل مثل التدهين لكن جعل عبارة عن المداراة والملاينة ، وترك الجدّ : كما جعل التقريد : وهو نزع القراد عبارة عن ذلك ، ويؤيد ما ذكره قول أبي قيس بن الأسلت :

الَحزْمُ والقُوّة خُيرٌ مِنَ ال *** إدهان والعهة والهَاعِ

/خ96