فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَفَبِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِ أَنتُم مُّدۡهِنُونَ} (81)

{ أفبهذا الحديث أنتم مدهنون ؟ } الإشارة إلى القرآن المنعوت بالنعوت السابقة ، والمدهن والمداهن المنافق ، كذا قال الزجاج وغيره وقال عطاء وغيره : هو الكذاب ، وقال مقاتل بن سليمان وقتادة : مدهنون كافرون كما في قوله { ودوا لو تدهنوا فيدهنون } وقال ابن عباس : مدهنون مكذبون ، وقال الضحاك : مدهنون معرضون وقال مجاهد : ممالئون الكفار على الكفر وقال ابن كيسان : المدهن الذي لا يعقل حق الله عليه ، ويدفعه بالعلل والأول أولى ، لأن أصل المدهن الذي ظاهره خلاف باطنه ، كأنه يشبه الدهن في سهولته ، قال المؤرج : المدهن المنافق الذي يلين جانبه ليخفي كفره ، والإدهان والمداهنة التكذيب والكفر والنفاق ، وأصله اللين ، وأن يسر خلاف ما يظهر وقال في الكشاف : مدهنون متهاونون به كمن يدهن في الأمر أي يلين جانبه ولا يتصلب فيه ، تهاونا به انتهى .

قال الراغب : والإدهان في الأصل مثل التدهين ، لكن جعل عبارة عن المداراة والملاينة وترك الجد كما جعل التقريد ، وهو نزع القراد عبارة عن ذلك ، قلت : سميت المداراة والملاينة مداهنة ، وهذا استعارة ومجاز معروف ولشهرته صار حقيقة عرفية لذا جوز به هنا من التهاون أيضا لأن المتهاون بالأمر لا يتصلب فيه ، وقال بعض اللغوين تاركون للحزم في قبول القرآن .