تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَوۡمَئِذٖ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلۡحَقَّ وَيَعۡلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ ٱلۡمُبِينُ} (25)

وقوله : { يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ } قال ابن عباس : { دِينَهُمُ } أي : حسابهم ، وكل ما في القرآن { دِينَهُمُ } أي : حسابهم . وكذا قال غير واحد .

ثم إن قراءة الجمهور بنصب { الْحَقَّ } على أنه صفة لدينهم ، وقرأ مجاهد بالرفع ، على أنه نعت الجلالة . وقرأها بعض السلف في مصحف أبي بن كعب : " يومئذ يوفيهم الله الحقّ دينهم " {[20970]} .

وقوله : { وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ } أي : وعده ووعيده وحسابه هو العدل ، الذي لا جور فيه .


[20970]:- في أ : "يوفيهم الله دينهم الحق".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يَوۡمَئِذٖ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلۡحَقَّ وَيَعۡلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ ٱلۡمُبِينُ} (25)

القول في تأويل قوله تعالى : { يَوْمَئِذٍ يُوَفّيهِمُ اللّهُ دِينَهُمُ الْحَقّ وَيَعْلَمُونَ أَنّ اللّهَ هُوَ الْحَقّ الْمُبِينُ } .

يقول تعالى ذكره : يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ ألْسِنَتُهُمْ وأيْدِيهِمْ وأرْجُلُهُمْ بِمَا كانُوا يَعْمَلُونَ يوفيهم الله حسابهم وجزاءهم الحقّ على أعمالهم . والدّين في هذا الموضع : الحساب والجزاء ، كما :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : يَوْمَئِذٍ يُوَفّيهِمُ اللّهُ دينَهُمُ الحَقّ يقول : حسابهم .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله : الحَقّ فقرأته عامة قرّاء الأمصار : دِينَهُمُ الحَقّ نصبا على النعت للدين ، كأنه قال : يوفيهم الله أعمالهم حقّا . ثم أدخل في الحقّ الألف واللام ، فنصب بما نصب به الدين . وذُكر عن مجاهد أنه قرأ ذلك : «يُوَفّيهِمُ اللّهُ دِينَهُمُ الحَقّ » برفع «الحقّ » على أنه من نعت الله .

حدثنا بذلك أحمد بن يوسف ، قال : حدثنا القاسم ، قال : حدثنا يزيد ، عن جرير بن حازم ، عن حميد ، عن مجاهد ، أنه قرأها «الحقّ » بالرفع . قال جرير : وقرأتها في مصحف أُبيّ بن كعب يُوَفّيهِمُ اللّهُ الحَقّ دِينَهُمْ .

والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قرّاء الأمصار ، وهو نصب «الحقّ » على إتباعه إعراب «الدين » لإجماع الحجة عليه .

وقوله : وَيَعْلَمُونَ أنّ اللّهَ هُوَ الحَقّ المُبِينُ يقول : ويعلمون يومئذٍ أن الله هو الحقّ الذي يبين لهم حقائق ما كان يعدهم في الدنيا من العذاب ، ويزول حينئذٍ الشكّ فيه عن أهل النفاق الذين كانوا فيما كان يَعِدُهم في الدنيا يمترون .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَوۡمَئِذٖ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلۡحَقَّ وَيَعۡلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ ٱلۡمُبِينُ} (25)

و «الدين » في هذه الآية الجزاء ومنه قول الشاعر : [ شهل بن شيبان الزماني ] [ الهزج ]

ولم يبق سوى العدوا . . . ن دناهم كما دانوا{[3]}

أي جازيناهم كما فعلوا مثل المثل كما تدين تدان{[4]} .

وقرأ جمهور الناس «الحقُّ » بالنصب على الصفة للدين ، وقرأ مجاهد «الحقُّ » بالرفع على الصفة لله عز وجل وفي مصحف ابن مسعود وأبي بن كعب «يومئذ يوفيهم الله الحق دينهم » بتقديم الصفة على الموصوف ورويت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقوله { يعلمون أن الله هو الحق المبين } يقوي قول من ذهب إلى أن الآية في المنافقين عبد الله بن أبي وغيره وذلك أَن كل مؤمن ففي الدنيا يعلم { أَن الله هو الحق المبين } وإلا فليس بمؤمن .


[3]:- أخرجه الإمام مالك في الموطأ المشهور بلفظ: (السبع المثاني القرآن العظيم الذي أعطيته) والترمذي وغيرهما، وخرج ذلك أيضا الإمام البخاري وغيره، عن أبي سعيد ابن المعلى في أول كتاب التفسير، وفي أول كتاب الفضائل بلفظ: (السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته). والسبع الطوال هي: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، فقوله: والسبع الطوال إلخ. رد على من يقول: إنما السبع المثاني.
[4]:- هو أبو هاشم المكي الليثي، وردت الرواية عنه في حروف القرآن، يروي عن أبيه ابن عمر.