وقوله : { وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ } كقوله تعالى : { قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ } [ هود : 48 ] .
وقوله : وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إسحَاقَ يقول تعالى ذكره : وباركنا على إبراهيم وعلى إسحاق وَمِنْ ذُرّيّتِهِما مُحْسِنٌ يعني بالمحسن : المؤمن المطيع لله ، المحسن في طاعته إياه وَظالِمٌ لنَفْسِهِ مُبِينٌ ويعني بالظالم لنفسه : الكافر بالله ، الجالب على نفسه بكفره عذابَ الله وأليم عقابه مبين : يعني الذي قد أبان ظلمَه نفسَه بكفره بالله . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، في قوله : مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنْفْسِهِ مُبِينٌ قال : المحسن : المطيع لله ، والظالم لنفسه : العاصي لله .
{ وباركنا عليه } على إبراهيم في أولاده . { وعلى إسحق } بأن أخرجنا من صلبه أنبياء بني إسرائيل وغيرهم كأيوب وشعيب ، أو أفضنا عليهما بركات الدين والدنيا ، وقرئ " وبركنا " . { ومن ذريتهما محسن } في عمله أو إلى نفسه بالإيمان والطاعة . { وظالم لنفسه } بالكفر والمعاصي . { مبين } ظاهر ظلمه ، وفي ذلك تنبيه على أن النسب لا أثر له في الهدى والضلال وأن الظلم في أعقابها لا يعود عليهما بنقيصة وعيب .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{وعلى إسحاق ومن ذريتهما} إبراهيم وإسحاق {محسن} مؤمن.
{وظالم لنفسه} يعني مشرك {مبين}.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إسحَاقَ" يقول تعالى ذكره: وباركنا على إبراهيم وعلى إسحاق.
"وَمِنْ ذُرّيّتِهِما مُحْسِنٌ "يعني بالمحسن: المؤمن المطيع لله، المحسن في طاعته إياه. "وَظالِمٌ لنَفْسِهِ مُبِينٌ" ويعني بالظالم لنفسه: الكافر بالله، الجالب على نفسه بكفره عذابَ الله وأليم عقابه، "مبين": يعني الذي قد أبان ظلمَه نفسَه بكفره بالله.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
البركة هي اسم لكل خير لا يزال على الزيادة والنماء.
يحتمل أن يكون: {مُحسِن} إلى نفسه، أو محسن إلى الناس.
تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :
البركة هاهنا: كثرة الولد. ويقال: البركة كثرة الأنبياء في أولادهما.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
قرئ: «وبَرَّكْنا» أي: أفضنا عليهما بركات الدين والدنيا.
{وظالم لّنَفْسِهِ} نظيره: {قَالَ وَمِن ذُرّيَّتِي؟ قَالَ: لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظالمين} [البقرة: 124] وفيه تنبيه على أن الخبيث والطيب لا يجري أمرهما على العرق والعنصر، فقد يلد البر الفاجر، والفاجر البر. وعلى أن الظلم في أعقابهما لم يعد عليهما بعيب ولا نقيصة، وأنّ المرء يعاب بسوء فعله ويعاتب على ما اجترحت يداه، لا على ما وجد من أصله أو فرعه.
الأول: أنه تعالى أخرج جميع أنبياء بني إسرائيل من صلب إسحاق.
والثاني: أنه أبقى الثناء الحسن على إبراهيم وإسحاق إلى يوم القيامة، لأن البركة عبارة عن الدوام والثبات.
وظالم لنفسه مبين: وفي ذلك تنبيه على أنه لا يلزم من كثرة فضائل الأب فضيلة الابن، لئلا تصير هذه الشبهة سببا لمفاخرة اليهود.
دخل تحت قوله: {محسن} الأنبياء والمؤمنين وتحت قوله: {ظالم} الكافر والفاسق.
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :
أنزلنا عليهما البركة، التي هي النمو والزيادة في علمهما وعملهما وذريتهما، فنشر اللّه من ذريتهما ثلاث أمم عظيمة: أمة العرب من ذرية إسماعيل، وأمة بني إسرائيل، وأمة الروم من ذرية إسحاق.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
تتلاحق من بعدهما ذريتهما، ولكن وراثة هذه الذرية لهما ليست وراثة الدم والنسب إنما هي وراثة الملة والمنهج: فمن اتبع فهو محسن. ومن انحرف فهو ظالم لا ينفعه نسب قريب أو بعيد.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
البركة زيادة الخير في مختلف وجوهه و {على} للاستعلاء المجازي، أي تمكُّن البركةِ من الإِحاطة بهما.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
(بركة) مشتقّة من (برك) على وزن (درك) وتعني صدر البعير، وعندما يضع صدره على الأرض يقال (برك البعير) وتدريجيّاً أعطت هذه الكلمة معنى الثبات وبقاء شيء ما، ولهذا يطلق على المكان الذي فيه ماء ثابت ومستقر (بركة) في حين يقال لمّا كان خيره باقياً وثابتاً مبارك، ومن هنا يتّضح أنّ الآية مورد بحثنا تشير إلى ثبات ودوام النعم الإلهيّة على إبراهيم وإسحاق وعلى اُسرتهم.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.