تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ثُمَّ إِنَّ لَهُمۡ عَلَيۡهَا لَشَوۡبٗا مِّنۡ حَمِيمٖ} (67)

وقوله تعالى : { ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ } قال ابن عباس : يعني شرب الحميم على الزقوم . وقال في رواية عنه : { شَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ } مزجا من حميم .

وقال غيره : يعني يمزج لهم الحميم بصديد وغساق ، مما يسيل من فروجهم وعيونهم .

وقال{[24988]} ابن أبي حاتم ، حدثنا أبي ، حدثنا حَيْوَة بن شُرَيح الحضرمي ، حدثنا بَقيَّة بن الوليد ، عن صفوان بن عمرو ، أخبرني عبيد بن بسر{[24989]} عن{[24990]} أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه كان يقول : " يقرب - يعني إلى أهل النار - ماء فيتكرهه ، فإذا أدنى منه شوى وجهه ، ووقعت فروة رأسه فيه . {[24991]} فإذا شربه قطع أمعاءه حتى تخرج من دبره " {[24992]} .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عمرو بن رافع ، حدثنا يعقوب بن عبد الله ، عن جعفر وهارون بن عنترة ، {[24993]} عن سعيد بن جبير قال : إذا جاع أهل النار استغاثوا بشجرة الزقوم ، فأكلوا منها فاختلست جلود وجوههم [ فيها ] . {[24994]} فلو أن مارا يمر بهم يعرفهم لعرف وجوههم فيها ، ثم يصب عليهم العطش فيستغيثون فيغاثون بماء كالمهل - وهو الذي قد انتهى حره - فإذا أدنوه من أفواههم اشتوى من حره لحوم وجوههم التي قد سقطت عنها الجلود ، ويصهر ما في بطونهم ، فيمشون تسيل أمعاؤهم وتتساقط جلودهم ، ثم يضربون بمقامع من حديد ، فيسقط كل عضو على حياله ، يدعون بالثبور .


[24988]:- في ت: "وروى".
[24989]:- (2) في س، أ: "بشير".
[24990]:- (3) في ت: "بإسناده".
[24991]:- في ت، أ: "فروة رأسه في فيه".
[24992]:- ورواه أحمد في مسنده (5/265) والحاكم في المستدرك (2/351) من طريق عبد الله بن المبارك عن صفوان بن عمرو به.
[24993]:- في ت: "وروى أيضا بإسناده"
[24994]:- زيادة من ت.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ثُمَّ إِنَّ لَهُمۡ عَلَيۡهَا لَشَوۡبٗا مِّنۡ حَمِيمٖ} (67)

القول في تأويل قوله تعالى : { ثُمّ إِنّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ * ثُمّ إِنّ مَرْجِعَهُمْ لإِلَى الْجَحِيمِ * إِنّهُمْ أَلْفَوْاْ آبَآءَهُمْ ضَآلّينَ * فَهُمْ عَلَىَ آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ثُمّ إنّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْبا مِنْ حَمِيمٍ ثم إن لهؤلاء المشركين على ما يأكلون من هذه الشجرة شجرة الزقوم شَوْبا ، وهو الخَلْط من قول العرب : شاب فلان طعامه فهو يشوبه شَوْبا وشيابا مِنْ حَمِيمٍ والحميم : الماء المحموم ، وهو الذي أُسخْن فانتهى حرّه ، وأصله مفعول صُرف إلى فعيل . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : ثُمّ إنّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْبا مِنْ حَمِيمٍ . يقول : لَمَزْجا .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ثُمّ إنّ لَهُمْ عَلَيْها لَشوْبا مِنْ حَمِيمٍ يعني : شرب الحميم على الزّقوم .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ثُمّ إنّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْبا مِنْ حَمِيمٍ قال : مِزاجا من حميم .

حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن مفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السّديّ ثُمّ إنّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْبا مِنْ حَمِيمٍ قال : الشّوب : الخَلْط ، وهو المَزْج .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : ثُمّ إنّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْبا مِنْ حَمِيمٍ قال : حميم يُشاب لهم بغسّاق مما تَغْسِقُ أعينهم ، وصديد من قيحهم ودمائهم مما يخرج من أجسادهم .