البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{ثُمَّ إِنَّ لَهُمۡ عَلَيۡهَا لَشَوۡبٗا مِّنۡ حَمِيمٖ} (67)

شاب الشيء بالشيء يشوبه شوباً : خلطه ومزجه .

وقرأ الجمهور : { لشوباً } بفتح الشين ؛ وشيبان النحوي : بضمها .

وقال الزجاج : الفتح للمصدر والضم للاسم ، يعني أنه فعل بمعنى مفعول ، أي مشوب ، كالنقص بمعنى المنقوص .

وفسر بالخلط والحميم الماء السخن جداً ، وقيل : يراد به هنا شرابهم الذي هو طينة الخبال صديدهم وما ساح منهم .

ولما ذكر أنهم يملأُون بطونهم من شجرة الزقوم للجوع الذي يلحقهم ، أو لإكراههم على الأكل وملء البطون زيادة في عذابهم ، ذكر ما يسقون لغلبة العطش ، وهو ما يمزج لهم من الحميم .

ولما كان الأكل يعتقبه ملء البطن ، كان العطف بالفاء في قوله : { فمالئون } .

ولما كان الشرب يكثر تراخيه عن الأكل ، أتي بلفظ ثم المقتضية المهلة ، أو لما امتلأت بطونهم من ثمرة الشجرة ، وهو حار ، أحرق بطونهم وعطشهم ، فأخر سقيهم زماناً ليزدادوا بالعطش عذاباً إلى عذابهم ، ثم سقوا ما هو أحر وآلم وأكره .