تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنۡهُمۡ سَيِّـَٔاتِهِمۡ وَلَنَجۡزِيَنَّهُمۡ أَحۡسَنَ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (7)

وقوله : { وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ } ، كقوله : { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ } [ فصلت : 46 ] أي : من عمل صالحا فإنما يعود نفع عمله على نفسه ، فإن الله غني عن أفعال العباد ، ولو كانوا كلهم على أتقى قلب رجل [ واحد ]{[22489]} منهم ، ما زاد ذلك في ملكه شيئا ؛ ولهذا قال : { وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } .

قال الحسن البصري : إن الرجل ليجاهد ، وما ضرب يوما من الدهر بسيف .

ثم أخبر أنه مع غناه عن الخلائق جميعهم من إحسانه وبره بهم يجازي الذين آمنوا وعملوا الصالحات أحسن الجزاء ، وهو أنه يكفر عنهم أسوأ الذي عملوا ، ويجزيهم أجرهم بأحسن ما{[22490]} كانوا يعملون ، فيقبل القليل من الحسنات ، ويثيب عليها الواحدة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، ويجزي على السيئة بمثلها أو يعفو ويصفح ، كما قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا } [ النساء : 40 ] ، وقال هاهنا : { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ }


[22489]:- زيادة من أ.
[22490]:- في ت ، ف ، أ : "الذي".