{ والذين آمنوا وعملوا الصالحات } الآية وقد مر مراراً أن الإيمان في الشرع عبارة عن التصديق بجميع ما قال الله تعالى وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تفصيلاً فيما علم وإجمالاً فيما لم يعلم ، والعمل الصالح هو الذي ندب الله ورسوله إليه ، والفاسد ما نهى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عنه . وعند المعتزلة الأمر والنهي مترتب على الحسن والقبح . ثم العمل الصالح باق لأنه في مقابلة الفاسد والفاسد هو الهالك التالف . يقال : فسد الزرع إذا خرج عن حد الانتفاع . ولكن العمل عرض لا يبقى بنفسه ولا بالعامل لأن كل شيء هالك إلا وجهه ، فبقاؤه إنما يتصور إذا كان لوجه الله . ومنه يعلم أن النية شرط في الأعمال الصالحة وهي كونها لله تعالى . وخالف زفر في نية الصوم وأبو حنيفة في نية الوضوء ، وقد مر . ثم إنه تعالى ذكر في مقابلة الإيمان والعمل الصالح أمرين : تكفير السيئات والجزاء بالأحسن . فتكفير السيئات في مقابلة الإيمان ، والجزاء بالأحسن في مقابلة العمل الصالح ، ومنه يعلم أن الإيمان يقتضي عدم الخلود في النار لأن الذي كفر سيئاته يدخل الجنة لا محالة ، فالجزاء الأحسن يكون غير الجنة وهو ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، ولا يبعد أن يكون هو الرؤية عند من يقول بها . وههنا بحث وهو أن قوله { لنكفرن } يستدعي وجود السيئات حتى تكفر ، فالمراد بالذين آمنوا وعملوا إما قوم مسلمون مذنبون ، وإما قوم مشركون آمنوا فحط الإيمان ما قبله . أو يقال إن وعد الجميع بأشياء لا يستدعي وعد كل واحد بكل واحد من تلك الأشياء ، نظيره قول الملك لقوم : إذا أطعتموني أكرم آباءكم وأحترم أبناءكم . وهذا لا يقتضي أن يكرم آباء من توفي أبوه ويحترم ابن من لم يولد له ابن ، ولكن مفهومه أنه يكرم آباء من له أب ويحترم ابن من له ابن . أو يقال : ما من مكلف إلا وله سيئة حتى الأنبياء ، فإن ترك الأولى بالنسبة إليهم سيئة بل حسنات الأبرار سيئات المقربين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.