فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنۡهُمۡ سَيِّـَٔاتِهِمۡ وَلَنَجۡزِيَنَّهُمۡ أَحۡسَنَ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (7)

{ والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون7 }

والذين صدقوا بما عهد الله تعالى إلى المكلفين أن يستيقنوا به ، وبروا في أعمالهم فأتمروا بأمر الله ورسوله ، وانتهوا عما نهوا عنه ، فقسم من ربنا العلي العظيم ليغطين سيآتهم بستره وليعفون عن آثامهم وليصفحن- تفضلا منه وكرما- وليثيبنهم أعظم المثوبة ، فلا يجزي الحسنة بالحسنة ، ولكن بعشرة أمثالها ، أو بأضعاف كثيرة ، مما أورد صاحب[ غرائب القرآن . . ] : الإيمان في الشرع عبارة عن التصديق بجميع ما قال الله تعالى وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تفصيلا فيما علم ، وإجمالا فيما لم يعلم ، والعمل الصالح هو الذي ندب الله ورسوله إليه . . . ثم إنه تعالى ذكر في مقابلة الإيمان والعمل الصالح أمرين : تكفير السيآت ، والجزاء بالأحسن ، فتكفير السيآت في مقابلة الإيمان ، والجزاء الأحسن في مقابلة العمل الصالح ، ومنه يعلم أن الإيمان يقتضي عدم الخلود في النار لأن الذي كفرت سيآته يدخل الجنة لا محالة ، فالجزاء الأحسن يكون غير الجنة ، وهو ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر . . . وههنا بحث ، وهو أن قوله{ لنكفرن } يستدعي وجود السيئات حتى تكفر ، فالمراد ب{ الذين آمنوا وعملوا . . }إما قوم مسلمون مذنبون ، وإما قوم مشركون آمنوا فحط الإيمان ما قبله . . . . . . أو يقال : ما من مكلف إلا وله سيئة ، حتى الأنبياء فإن ترك الأولى بالنسبة إليهم سيئة ، بل حسنات الأبرار سيئات المقربين . اه ، وأما صاحب [ جامع البيان . . ] فيقول : يقول تعالى ذكره : والذين آمنوا بالله ورسوله فصح إيمانهم عند ابتلائه إياهم ، وفتنته لهم ، ولم يرتدوا . . بأذى المشركين إياهم ، وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيآتهم التي سلفت منهم في شركهم . . . ولنثيبنهم على صالحات أعمالهم في إسلامهم أحسن ما كانوا يعملون . . اه .