لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لِمَ تَلۡبِسُونَ ٱلۡحَقَّ بِٱلۡبَٰطِلِ وَتَكۡتُمُونَ ٱلۡحَقَّ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (71)

{ يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل } وذلك أن علماء اليهود والنصارى كانوا يعلمون بقلوبهم أن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول من عند الله وأن دينه حق ، وكانوا ينكرون ذلك بألسنتهم وكانوا يجتهدون في إلقاء الشبهات والتشكيكات ، وذلك أن الساعي في إخفاء الحق لا يقدر على ذلك إلاّ بهذه الأمور .

فقوله تعالى : { لم تلبسون الحق بالباطل } معناه تحريف التوراة وتبديلها فيخلطون المحرف الذي كتبوه بأيديهم بالحق المنزل وقيل هو خلط الإسلام باليهودية والنصرانية وذلك أنهم تواطؤوا على إظهار الإسلام في أول النهار والرجوع عنه في آخره ، والمراد بذلك تشكيك الناس وقيل إنهم كانوا يقولون : إن محمداً صلى الله عليه وسلم معترف بصحة نبوة موسى وإنه حق ثم إن التوراة دالة على أن شرع موسى لا ينسخ فهذا من تلبيساتهم على الناس { وتكتمون الحق } يعني نعت محمد صلى الله عليه وسلم وصفته في التوراة { وأنتم تعلمون } يعني أنه رسول من عند الله وأن دينه حق وإنما كتمتم الحق عناداً وحسداً وأنتم تعلمون ما تستحقون على كتمان الحق من العقاب .