غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لِمَ تَلۡبِسُونَ ٱلۡحَقَّ بِٱلۡبَٰطِلِ وَتَكۡتُمُونَ ٱلۡحَقَّ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (71)

61

ثم لما وبخهم على الغواية أردفه التوبيخ بالإغواء . وهو إما بإلقاء الشبهات في الدين وهو معنى لبسهم الحق بالباطل ، وإما بإخفاء الدلائل وهو كتمانهم الحق . عن الحسن وابن زيد : حرفوا التوراة فخلطوا المنزل بالمحرف . وعن ابن عباس : أظهروا الإسلام في أول النهار ثم رجعوا عنه في آخره تشكيكاً للناس . قيل : إن في الكتابين ما يدل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم والبشارة به وفيهما ما يوهم خلاف ذلك فيكون كالمحكم والمتشابه في القرآن .

فلبسوا على الضعفاء أحد الأمرين بالآخر كما يفعل كثير من المشبهة . وهذا قول القاضي . وقيل : كانوا يقولون : إن محمداً صلى الله عليه وسلم معترف بأن شرع موسى حق ، ثم إن التوراة دلت على أنه لا ينسخ ، وكل ذلك إلقاء الشبهات . وأما كتمان الحق فهو أن الآيات الدالة في التوراة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم كان الاستدلال بها مفتقراً إلى التدبر والتأمل ، والقوم كانوا يجتهدون في إخفاء تلك الألفاظ التي بمجموعها يتم الاستدلال كما يفعل المبتدعة في زماننا { وأنتم تعلمون } أنكم إنما تفعلون ذلك عناداً وحسداً ، أو تعلمون أنكم من أهل المعرفة ، أو تعلمون حقيتها ، أو أن عقاب من يفعل هذه الأفعال عظيم والله حسبي .