الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{فَقُلۡتُ ٱسۡتَغۡفِرُواْ رَبَّكُمۡ إِنَّهُۥ كَانَ غَفَّارٗا} (10)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{فقلت استغفروا ربكم} من الشرك {إنه كان غفارا} للذنوب.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

فقلت لهم: سلوا ربكم غُفْران ذنوبكم، وتوبوا إليه من كفركم، وعبادة ما سواه من الآلهة ووحدوه، وأخلصوا له العبادة، يغفر لكم.

"إنه كان غفارا " لذنوب من أناب إليه، وتاب إليه من ذنوبه.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا} فالاستغفار: طلب المغفرة بما ذكر من قوله عز وجل: {أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون} [الآية: 3] فيكون هذا منه أمرا لهم بإتيان الإيمان الذي هو سبب المغفرة، لا أمرا بسؤال المغفرة نفسه من الله تعالى؛ إذ استغفار كل قوم يرجع إلى أحوالهم: فإذا كانوا كفرة فهو إيمان بالله تعالى، وإن كانوا أصحاب ذنوب فالتوبة إلى الله تعالى عز وجل، وإن كانوا مخلصين، فمما سلف من ذنوبهم مما يعلمونها ونحو ذلك.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 8]

ليعلمَ العالِمون: أَن الاستغفار قَرْعُ أبوابِ النعمة، فمن وقعت له إلى اللَّهِ حاجةُ فلن يَصِلَ إلى مرادِه إلاّ بتقديم الاستغفار. ويقال: مَنْ أراد التَّفَضُّل فعليه بالعُذْرِ والتنصُّل.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

أمرهم بالاستغفار الذي هو التوبة عن الكفر والمعاصي، وقدّم إليهم الموعد بما هو أوقع في نفوسهم وأحبّ إليهم من المنافع الحاضرة والفوائد العاجلة، ترغيباً في الإيمان وبركاته والطاعة ونتائجها من خير الدارين،

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

يقتضي أن الاستغفار سبب لنزول المطر في كل أمة. وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه استسقى بالناس فلم يزد على أن استغفر ساعة ثم انصرف، فقال له قوم: ما رأيناك استسقيت يا أمير المؤمنين، فقال: والله لقد استنزلت المطر بمجاديح السماء، ثم قرأ الآية، وسقي رضي الله عنه.

وشكى رجل إلى الحسن الجرب فقال له: استغفر الله، وشكى إليه آخر الفقر، فقال: استغفر الله، وقال له آخر: ادع الله أن يرزقني ولداً، فقال له استغفر الله، فقيل له في ذلك، فنزع بهذه الآية.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

وهاهنا سؤالان:

الأول: أن نوحا عليه السلام أمر الكفار قبل هذه الآية بالعبادة والتقوى والطاعة، فأي فائدة في أن أمرهم بعد ذلك بالاستغفار؟

الجواب: أنه لما أمرهم بالعبادة قالوا له: إن كان الدين القديم الذي كنا عليه حقا فلم تأمرنا بتركه، وإن كان باطلا فكيف يقبلنا بعد أن عصيناه، فقال نوح عليه السلام: إنكم وإن كنتم عصيتموه ولكن استغفروه من تلك الذنوب، فإنه سبحانه كان غفارا.

السؤال الثاني: لم قال: {إنه كان غفارا} ولم يقل: إنه غفار؟

قلنا المراد: إنه كان غفارا في حق كل من استغفروه كأنه يقول: لا تظنوا أن غفاريته إنما حدثت الآن، بل هو أبدا هكذا كان.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما أخبر بأنه بالغ في الدعوة إلى حد لا مزيد عليه، فلم يدع من الأوقات ولا من الأحوال شيئاً، سبب عنه بيان ما قال في دعوته وهو التسبب في السعادة كلها بدفع المضار وجلب المسار، فقال مقدماً لطلب الغفران بالتوبة عن الكفر ليظهروا فيكونوا قابلين للتحلية بالمحاسن الدينية بعد التخلية عن الأخلاق الدنية: {فقلت} أي في دعائي لهم: {استغفروا ربكم} أي اطلبوا من المحسن إليكم، المبدع لكم، المدبر لأموركم، أن يمحو ذنوبكم أعيانها وآثارها، بالرجوع عن عبادة غيره إلى الإخلاص في عبادته. ولما ذكر أنه استعطفهم أولاً ببيان أن رجوعهم ممكن، لئلا يقولوا: إنا قد بالغنا في المعاصي فلا نقبل، وأعلمهم أن الاستغفار باب الدخول إلى طاعة الجبار، أكد ذلك الاستعطاف بقوله معللاً للأمر ولجوابه بنحو: يغفر لكم، مؤكداً لأجل توقفهم: {إنه كان} أي أزلاً وأبداً ودائماً سرمداً {غفاراً} أي متصفاً بصفة الستر على من رجع إليه على أبلغ الوجوه وأعلاها، وإذا وقع الغفران دفع المضار كلها.