قوله تعالى : { قال } موسى { ذلك ما كنا نبغ } أي : نطلب { فارتدا على آثارهما قصصاً } أي : رجعا يقصان الأثر الذي جاء منه ، أي : يتبعانه ، فوجدا عبداً من عبادنا ، قيل : كان ملكاً من الملائكة ، والصحيح الذي جاء في التواريخ ، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه الخضر ، واسمه بليا بن ملكان ، قيل : كان من نسل بني إسرائيل . وقيل : كان من أبناء الملوك الذين تزهدوا في الدنيا . والخضر لقب له سمي بذلك لما : أخبرنا أبو علي حسان بن سعيد المنيعي ، أنبأنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي ، أنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان ، ثنا أحمد بن يوسف السلمي ، ثنا عبد الرزاق ، أنا معمر عن همام بن منبه قال : ثنا أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما سمي خضراً لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز تحته خضراء " . قال مجاهد : سمي خضراً لأنه إذا صلى اخضر ما حوله . وروينا : أن موسى رأى الخضر مسجى بثوب فسلم عليه فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام ؟ قال : أنا موسى أتيتك لتعلمني مما علمت رشداً . وفي رواية أخرى لقيه مسجى بثوب مستلقياً على قفاه بعض الثوب تحت رأسه وبعضه تحت رجليه . وفي رواية لقيه وهو يصلي . ويروى لقيه على طنفسة خضراء على كبد البحر ، فذلك قوله تعالى : { فوجدا عبداً من عبادنا آتيناه رحمة } .
وقوله تعالى : { قال ذلك } الآية ، المعنى قال موسى لفتاه أمر الحوت وفقده هو الذي كنا نطلب ، فإن الرجل الذي جئنا له ثم ، فرجعا يقصان أثرهما لئلا يخطئان طريقهما ، وقرأ الجمهور «نبغي » بثبوت الياء ، وقرأ عاصم وقوم «نبغ » دون ياء ، وكان الحسن يثبتها إذا وصل ويحذفها إذا وقف ، و «قص الأثر » اتباعه وتطلبه في موضع خفائه .
{ قال ذلك } الخ . . جواب عن كلامه ، ولذلك فصلت كما بيناه غير مرة .
والإشارة ب { ذلك } إلى ما تضمنه خبر الفتى من فقْد الحوت . ومعنى كونه المبتغى أنه وسيلة المبتغى . وإنما المبتغى هو لقاء العبد الصالح في المكان الذي يفقد فيه الحوت .
وكتب { نبغ } في المصحف بدون ياء في آخره ، فقيل : أراد الكاتبون مراعاة حالة الوقف ، لأن الأحسن في الوقف على ياء المنقوص أن يوقف بحذفها . وقيل : أرادوا التنبيه على أنها رويت محذوفة في هذه الآية . والعرب يميلون إلى التخفيف . فقرأ نافع ، وأبو عمرو ، والكسائي ، وأبو جعفر بحذف الياء في الوقف وإثباتها في الوصل ، وقرأ عاصم ، وحمزة ، وابن عامر بحذف الياء في الوصل والوقف . وقرأ ابن كثير ، ويعقوب بإثباتها في الحالين ، والنون نون المتكلم المشارك ، أي ما أبغيه أنا وأنت ، وكلاهما يبغي ملاقاة العبد الصالح .
والارتداد : مطاوع الرد كأن راداً رَدّهما . وإنما ردتهما إرادتهما ، أي رجعا على آثار سيرهما ، أي رجعا على طريقهما الذي أتيا منه .
والقصص : مصدر قص الأثر ، إذا توخى متابعته كيلا يخطئا الطريق الأول .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.