قوله تعالى : { ولما جاءهم رسول من عند الله } . يعني محمداً .
قوله تعالى : { مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم } . يعني التوراة وقيل : القرآن .
قوله تعالى : { كأنهم لا يعلمون } . قال الشعبي : كانوا يقرؤون التوراة ولا يعلمون بها ، وقال سفيان بن عينية : أدرجوها في الحرير والديباج وحلوها بالذهب والفضة ولم يعملوا بها فذلك نبذهم .
{ ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم } كعيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام . { نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله } يعني التوراة ، لأن كفرهم بالرسول المصدق لها كفر بها فيما يصدقه ، ونبذ لما فيها من وجوب الإيمان بالرسل المؤيدين بالآيات . وقيل ما مع الرسول صلى الله عليه وسلم هو القرآن . { وراء ظهورهم } مثل لإعراضهم عنه رأسا ، بالإعراض عما يرمي به وراء الظهر لعدم الالتفات إليه . { كأنهم لا يعلمون } أنه كتاب الله ، يعني أن علمهم به رصين ولكن يتجاهلون عنادا . وأعلم أنه تعالى دل بالآيتين على أن جيل اليهود أربع فرق : فرقة آمنوا بالتوراة وقاموا بحقوقها كمؤمني أهل الكتاب وهم الأقلون المدلول عليهم بقوله : { بل أكثرهم لا يؤمنون } وفرقة جاهروا بنبذ عهودها وتخطي حدودها تمردا وفسوقا ، وهم المعنيون بقوله : { نبذه فريق منهم } وفرقة لم يجاهروا بنبذها ولكن نبذوا لجهلهم بها وهم الأكثرون . وفرقة تمسكوا بها ظاهرا ونبذوها خفية عالمين بالحال ، بغيا وعنادا وهم المتجاهلون .
{ وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } ( 101 )
وقوله تعالى : { ولما جاءهم رسول من عند الله } ، يعني به محمد صلى الله عليه وسلم ، وما { معهم } هو التوراة ، و { مصدق } نعت ل { رسول } ، وقرأ ابن أبي عبلة «مصدقاً » بالنصب( {[1012]} ) ، و { لما } يجب بها الشيء لوجوب غيره ، وهي ظرف زمان( {[1013]} ) ، وجوابها { نبذ } الذي يجيء ، و { الكتاب } الذي أتوه : التوراة ، و { كتاب الله } مفعول ب { نبذ } ، والمراد القرآن ، لأن التكذيب به نبذ ، وقيل المراد التوراة ، لأن مخالفتها والكفر بما أخذ عليهم فيها نبذ ، و { وراء ظهورهم } مثل( {[1014]} ) لأن ما يجعل ظهرياً فقد زال النظر إليه جملة ، والعرب تقول جعل هذا الأمر وراء ظهره ودبر أذنه ، وقال الفرزدق :
تميم بنَ مرٍّ لا تكونَنَّ حاجتي . . . بظهرٍ فلا يعيى عليَّ جوابُها( {[1015]} )
و { كأنهم لا يعلمون } تشبيه بمن لا يعلم( {[1016]} ) ، إذ فعلوا فعل الجاهل ، فيجيء من اللفظ أنهم كفروا على علم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.