المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ رَٰوَدُوهُ عَن ضَيۡفِهِۦ فَطَمَسۡنَآ أَعۡيُنَهُمۡ فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ} (37)

37- ولقد أرادوا منه تمكينهم من ضيفه ، فمحونا أبصارهم جزاء ما أرادوا ، فقل لهم - تهكماً - : تجرعوا عذابي وإنذاراتي .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ رَٰوَدُوهُ عَن ضَيۡفِهِۦ فَطَمَسۡنَآ أَعۡيُنَهُمۡ فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ} (37)

قوله تعالى : { ولقد راودوه عن ضيفه } طلبوا أن يسلم إليهم أضيافه { فطمسنا أعينهم } وذلك أنهم لما قصدوا دار لوط وعالجوا الباب ليدخلوا ، قالت : الرسل للوط : خل بينهم وبين الدخول فإنا رسل ربك لن يصلوا إليك ، فدخلوا الدار فصفقهم جبريل بجناحه بإذن الله فتركهم عمياً يترددون متحيرين لا يهتدون إلى الباب ، فأخرجهم لوط عمياً لا يبصرون . قوله : { فطمسنا أعينهم } يعني : صيرناها كسائر الوجه لا يرى لها شق ، هذا قول أكثر المفسرين . وقال الضحاك : طمس الله أبصارهم فلم يروا الرسل ، فقالوا : قد رأيناهم حين رأيناهم حين دخلوا البيت فأين ذهبوا ، فلم يروهم فرجعوا . { فذوقوا عذابي ونذر } أي : ما أنذركم به لوط من العذاب .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ رَٰوَدُوهُ عَن ضَيۡفِهِۦ فَطَمَسۡنَآ أَعۡيُنَهُمۡ فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ} (37)

{ وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ } وذلك ليلة ورَدَ عليه الملائكة : جبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل في صورة شباب مُرد حِسان محنَةً من الله بهم ، فأضافهم لوط [ عليه السلام ] {[27787]} وبعثت امرأته العجوز السوءُ إلى قومها ، فأعلمتهم بأضياف لوط ، فأقبلوا يُهْرَعُونَ إليه من كل مكان ، فأغلق لوط دونهم الباب ، فجعلوا يحاولون كسر الباب ، وذلك عشية ، ولوط ، عليه السلام ، يدافعهم ويمانعهم دون أضيافه ، ويقول لهم : { هَؤُلاءِ بَنَاتِي } يعني : نساءهم ، { إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ } [ الحجر : 71 ] { قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ } أي : ليس لنا فيهن أرَبٌ ، { وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ } [ هود : 79 ] فلما اشتد الحال وأبوا إلا الدخول ، خرج عليهم جبريل ، عليه السلام ، فضرب أعينهم بطرف جناحه ، فانطمست أعينهم . يقال : إنها غارت من وجوههم .

وقيل : إنه لم تبق لهم عيون بالكلية ، فرجعوا على أدبارهم يتحسسون بالحيطان ، ويتوعدون لوطا ، عليه السلام ، إلى الصباح .


[27787]:- (2) زيادة من أ.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ رَٰوَدُوهُ عَن ضَيۡفِهِۦ فَطَمَسۡنَآ أَعۡيُنَهُمۡ فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ} (37)

وقوله : وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ يقول جلّ ثناؤه : ولقد راود لوطا قومه عن ضيفه الذين نزلوا به حين أراد الله إهلاكهم فَطَمَسْنا أعْيُنَهُمْ يقول : فطمسنا على أعينهم حتى صيرناها كسائر الوجه لا يرى لها شقّ ، فلم يبصروا ضيفه . والعرب تقول : قد طمست الريح الأعلام : إذا دفنتها بما تسفي عليها من التراب ، كما قال كعب بن زُهَير :

مِنْ كُلّ نَضّاخَةِ الذّفْرَى إذَا اعْتَرَقَتْ *** عُرْضَتُها طامِسُ الأعْلام مَجْهُولُ

يعني بقوله : طامِسُ الأعْلامِ : مندفن الأعلام . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أعْيُنَهُمْ قال : عمى الله عليهم الملائكة حين دخلوا على لوط .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أعْيُنَهُمْ وذُكر لنا أن جبريل عليه السلام استأذن ربه في عقوبتهم ليلة أتوا لوطا ، وأنهم عالجوا الباب ليدخلوا عليه ، فصفقهم بجناحه ، وتركهم عميا يتردّدون .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله : وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أعْيُنَهُمْ قال : هؤلاء قوم لوط حين راودوه عن ضيفه ، طمس الله أعينهم ، فكان ينهاهم عن عملهم الخبيث الذي كانوا يعملون ، فقالوا : إنا لا نترك عملنا فإياك أن تُنْزِل أحدا أو تُضيفه ، أو تدعه ينزل عليك ، فإنا لا نتركه ولا نترك عملنا . قال : فلما جاءه المرسلون ، خرجت امرأته الشقية من الشقّ ، فأتتهم فدعتهم ، وقالت لهم : تعالوا فإنه قد جاء قوم لم أر قطّ أحسن وجوها منهم ، ولا أحسن ثيابا ، ولا أطيب أرواحا منهم ، قال : فجاؤوه يهرعون إليه ، فقال : إن هؤلاء ضيفي ، فاتقوا الله ولا تحزوني في ضيفي ، قالوا : أو لم ننهك عن العالمين ؟ أليس قد تقدمنا إليك وأعذرنا فيما بيننا وبينك ؟ قال : هؤلاء بناتي هنّ أطهر لكم فقال له جبريل عليه السلام : ما يهولك من هؤلاء ؟ قال : أما ترى ما يريدون ؟ فقال : إنا رسل ربك لن يصلوا إليك ، لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك ، لتصنعنّ هذا الأمر سرّا ، وليكوننّ فيه بلاء قال : فنشر جبريل عليه السلام جناحا من أجنحته ، فاختلس به أبصارهم ، فطمس أعينهم ، فجعلوا يجول بعضهم في بعض ، فذلك قول الله : فَطَمَسْنا أعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ جاءت الملائكة في صور الرجال ، وكذلك كانت تجيء ، فرآهم قوم لوط حين دخلوا القرية . وقيل : إنهم نزلوا بلوط ، فأقبلوا إليهم يريدونهم ، فتلقّاهم لوط يناشدهم الله أن لا يخزوه في ضيفه ، فأبوا عليه وجاؤوا ليدخلوا عليه ، فقالت الرسل للوط خلّ بينهم وبين الدخول ، فإنا رسل ربك ، لن يصلوا إليك ، فدخلوا البيت ، وطمس الله على أبصارهم ، فلم يروهم وقالوا : قد رأيناهم حين دخلوا البيت ، فأين ذهبوا ؟ فلم يروهم ورجعوا .

وقوله : فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ يقول تعالى ذكره : فذوقوا معشر قوم لوط من سذوم ، عذابي الذي حلّ بكم ، وإنذاري الذي أنذرت به غيركم من الأمم من النكال والمثلات .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ رَٰوَدُوهُ عَن ضَيۡفِهِۦ فَطَمَسۡنَآ أَعۡيُنَهُمۡ فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ} (37)

وقوله : { فطمسنا أعينهم } قال قتادة : هي حقيقة ، جر جبريل شيئاً من جناحه على أعينهم فاستوت مع وجوههم . قال أبو عبيدة : مطموسة بجلد كالوجه . وقال ابن عباس والضحاك : هي استعارة وإنما حجب إدراكهم فدخلوا المنزل ولم يروا شيئاً ، فجعل ذلك كالطمس .