( وإنه لتنزيل رب العالمين . نزل به الروح الأمين . على قلبك لتكون من المنذرين . بلسان عربي مبين ) . .
والروح الأمين جبريل - عليه السلام - نزل بهذا القرآن من عند الله على قلب رسول الله[ صلى الله عليه وسلم ] هو أمين على ما نزل به ، حفيظ عليه ، نزل به على قلبه فتلقاه تلقيا مباشرا ، ووعاه وعيا مباشرا . نزل به على قلبه ليكون من المنذرين بلسان عربي مبين . هو لسان قومه الذي يدعوهم به ، ويتلو عليهم القرآن . وهم يعرفون مدى ما يملك البشر أن يقولوا ؛ ويدركون أن هذا القرآن ليس من جنس كلام البشر ، وإن كان بلغتهم ؛ وأنه بنظمه ، وبمعانيه ، وبمنهجه ، وبتناسقه . يشي بأنه آت من مصدر غير بشري بيقين .
وقوله : بِلِسانٍ عَرَبِيّ مُبِينٍ يقول : لتنذر قومك بلسان عربيّ مبين ، يبين لمن سمعه أنه عربيّ ، وبلسان العرب نزل ، والباء من قول بِلِسانٍ من صلة قوله : نَزَلَ ، وإنما ذكر تعالى ذكره أنه نزل هذا القرآن بلسان عربيّ مبين في هذا الموضع ، إعلاما منه مشركي قريش أنه أنزله كذلك ، لئلا يقولوا إنه نزل بغير لساننا ، فنحن إنما نعرض عنه ولا نسمعه ، لأنا لا نفهمه ، وإنما هذا تقريع لهم ، وذلك أنه تعالى ذكره قال : ما يَأْتِيهُمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرّحْمَن مُحْدَثٍ إلاّ كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ ثم قال : لم يعرضوا عنه لأنهم لا يفهمون معانيه ، بل يفهمونها ، لأنه تنزيل ربّ العالمين نزل به الروح الأمين بلسانهم العربيّ ، ولكنهم أعرضوا عنه تكذيبا به واستكبارا فَقَدْ كَذّبُوا فَسَيأتيهمْ أنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئونَ كما أتى هذه الأمم التي قصصنا نبأها في هذه السورة حين كذّبت رسلها أنباء ما كانوا به يُكذبون .
وقوله : { بلسان } يمكن أن تتعلق الباء ب { نزل به } وهذا على أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يسمع من جبريل حروفاً عربية وهو القول الصحيح ، وتكون صلصلة الجرس صفة لشدة الصوت وتداخل حروفه وعجلة مورده وإغلاظه ، ويمكن أن يتعلق بقوله { لتكون } وتمسك بهذا من رأى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسمع مثل صلصلة الجرس يتفهم له منه القرآن .
قال القاضي أبو محمد : وهذا قول ضعيف مقتضاه أن بعض ألفاظ القرآن من لدن النبي عليه السلام وهذا مردود .
{ بلسان } حال من الضمير المجرور في { نزل به الروح الأمين } .
والباء للملابسة . واللسان : اللغة ، أي نزل بالقرآن ملابساً للغة عربية مبينة أي كائناً القرآن بلغة عربية .
والمبين : الموضِّح الدلالة على المعاني التي يعنيها المتكلم ، فإن لغة العرب أفصح اللغات وأوسعها لاحتمال المعاني الدقيقة الشريفة مع الاختصار ، فإن ما في أساليب نظم كلام العرب من علامات الإعراب ، والتقديم والتأخير ، وغير ذلك ، والحقيقة والمجاز والكناية ، وما في سعة اللغة من الترادف ، وأسماء المعاني المقيّدة ، وما فيها من المحسنات ، ما يلج بالمعاني إلى العقول سهلةً متمكنة ، فقدّر الله تعالى هذه اللغة أن تكون هي لغة كتابه الذي خاطب به كافة الناس ، فأنزل بادىء ذي بدء بين العرب أهل ذلك اللسان ومقاويل البيان ثم جعل منهم حمَلتَه إلى الأمم تترجم معانيَه فصاحتُهم وبيانُهم ، ويتلقى أساليبَه الشادون منهم وولدانُهم ، حين أصبحوا أمة واحدة يقوم باتحاد الدين واللغة كيانهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.