الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{بِلِسَانٍ عَرَبِيّٖ مُّبِينٖ} (195)

{ بِلِسَانٍ عَرَبِىٍّ } إما أنّ يتعلق بالمنذرين ، فيكون المعنى : لتكون من الذين أنذروا بهذا اللسان وهم خمسة : هود ، وصالح ، وشعيب ، وإسمعيل ومحمد عليهم الصلاة والسلام . وإما أن يتعلق بنزل ، فيكون المعنى : نزله باللسان العربي لتنذر به ؛ لأنه لو نزله باللسان الأعجمي ، لتجافوا عنه أصلاً ، ولقالوا : ما نصنع بما لا نفهمه فيتعذر الإنذار به وفي هذا الوجه : أن تنزيله بالعربية التي هي لسانك ولسان قومك تنزيل له على قلبك ، لأنك تفهمه ويفهمه قومك . ولو كان أعجمياً لكان نازلاً على سمعك دون قلبك ، لأنك تسمع أجراس حروف لا تفهم معانيها ولا تعيها ، وقد يكون الرجل عارفاً بعدّة لغات ، فإذا كلم بلغته التي لقنها أولاً ونشأ عليها وتطبع بها ، لم يكن قلبه إلا إلى معاني الكلام يتلقاها بقلبه ولا يكاد يفطن للألفاظ كيف جرت ، وإن كلم بغير تلك اللغة وإن كان ماهراً بمعرفتها كان نظره أولاً في ألفاظها ثم في معانيها ، فهذا تقرير أنه نزل على قلبه لنزوله بلسان عربي مبين