{ وَهُوَ الْغَفُورُ } الذي يغفر الذنوب جميعها لمن تاب ، ويعفو عن السيئات لمن استغفره وأناب .
{ الْوَدُودُ } الذي يحبه أحبابه محبة لا يشبهها شيء فكما أنه لا يشابهه شيء في صفات الجلال والجمال ، والمعاني والأفعال ، فمحبته في قلوب خواص خلقه ، التابعة لذلك ، لا يشبهها شيء من أنواع المحاب ، ولهذا كانت محبته أصل العبودية ، وهي المحبة التي تتقدم جميع المحاب وتغلبها ، وإن لم يكن غيرها تبعًا لها ، كانت عذابًا على أهلها ، وهو تعالى الودود ، الواد لأحبابه ، كما قال تعالى : { يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } والمودة هي المحبة الصافية ، وفي هذا سر لطيف ، حيث قرن { الودود } بالغفور ، ليدل ذلك على أن أهل الذنوب إذا تابوا إلى الله وأنابوا ، غفر لهم ذنوبهم وأحبهم ، فلا يقال : بل تغفر ذنوبهم ، ولا يرجع إليهم الود ، كما قاله بعض الغالطين .
بل الله أفرح بتوبة عبده حين يتوب ، من رجل له راحلة ، عليها طعامه وشرابه وما يصلحه ، فأضلها في أرض فلاة مهلكة ، فأيس منها ، فاضطجع في ظل شجرة ينتظر الموت ، فبينما هو على تلك الحال ، إذا راحلته على رأسه ، فأخذ بخطامها ، فالله أعظم فرحًا بتوبة العبد من هذا براحلته ، وهذا أعظم فرح يقدر .
فلله الحمد والثناء ، وصفو الوداد ، ما أعظم بره ، وأكثر خيره ، وأغزر إحسانه ، وأوسع امتنانه "
جملة معطوفة على جملة : { إن بطش ربك لشديد } [ البروج : 12 ] . ومضمونها قسيم لمضمون { إن بطش ربك لشديد } لأنه لما أفيد تعليل مضمون جملة : { إن الذين فتنوا المؤمنين } [ البروج : 10 ] إلى آخره ، ناسب أن يقابَل بتعليل مضمون جملة { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات } [ البروج : 11 ] إلى آخره ، فعلِّل بقوله : { وهو الغفور الودود } ، فهو يغفر للذين تابوا وآمنوا وعملوا الصالحات ما فَرَط منهم وهو يحب التّوابين ويَوَدُّهم .
و { الودود } : فَعول بمعنى فاعل مشتق من الودّ وهو المحبة فمعنى الودود : المحبّ وهو من أسمائه تعالى ، أي إنه يحب مخلوقاته ما لم يحيدوا عن وصايته . والمحبة التي يوصف الله بها مستعملة في لازم المحبة في اللغة تقريباً للمعنى المتعالي عن الكيف وهو من معنى الرحمة ، وقد تقدم عند قوله تعالى : { إن ربي رحيم ودود } في آخر سورة هود ( 90 ) .
ولما ذَكَر الله من صفاته ما تعلُّقه بمخلوقاته بحسب ما يستأهلونه من جزاءٍ أعْقب ذلك بصفاته الذاتية على وجه الاستطراد والتكملة بقوله : { ذو العرش المجيد } تنبيهاً للعباد إلى وجوب عبادته لاستحقاقه العبادة لجلاله كما يعبدونه لاتقاء عقابه ورجاء نواله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.