المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَا ٱلظِّلُّ وَلَا ٱلۡحَرُورُ} (21)

19- وما يستوي الذي لا يهتدي إلى الحق لجهله ، والذي يسلك طريق الهداية لعلمه ، ولا الباطل ولا الحق ، ولا الظل ولا الريح الحارة .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَا ٱلظِّلُّ وَلَا ٱلۡحَرُورُ} (21)

قوله تعالى : { ولا الظل ولا الحرور } يعني : الجنة والنار ، قال ابن عباس : الحرور : الريح الحارة بالليل ، والسموم بالنهار . وقيل : الحرور يكون بالنهار مع الشمس .

   
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَا ٱلظِّلُّ وَلَا ٱلۡحَرُورُ} (21)

يقول تعالى : كما لا تستوي هذه الأشياء المتباينة المختلفة ، كالأعمى والبصير لا يستويان ، بل بينهما فرق وبون كثير ، وكما لا تستوي الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور ، كذلك لا تستوي الأحياء ولا الأموات ، وهذا مثل ضربه الله للمؤمنين وهم الأحياء ، وللكافرين وهم الأموات ، كقوله تعالى : { أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا } [ الأنعام : 122 ] ، وقال تعالى : { مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأعْمَى وَالأصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلا } [ هود : 24 ] فالمؤمن سميع بصير في نور يمشي ، على صراط مستقيم في الدنيا والآخرة ، حتى يستقر به الحال في الجنات ذات الظلال والعيون ، والكافر أعمى أصم ، في ظلمات يمشي ، لا خروج له منها ، بل هو يتيه في غَيِّه وضلاله في الدنيا والآخرة ، حتى يفضي به ذلك إلى الحرور والسموم والحميم ، { وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ } [ الواقعة : 43 ، 44 ] .

وقوله : { إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ } أي : يهديهم إلى سماع الحجة وقبولها والانقياد لها { وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ } أي : كما لا [ يسمع و ]{[24513]} ينتفع الأموات بعد موتهم وصيرورتهم إلى قبورهم ، وهم كفار بالهداية والدعوة إليها ، كذلك هؤلاء المشركون الذين كُتِب عليهم الشقاوة لا حيلةَ لك فيهم ، ولا تستطيع هدايتهم .


[24513]:- زيادة من ت، أ.

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَا ٱلظِّلُّ وَلَا ٱلۡحَرُورُ} (21)

و { الحرور } شدة حر الشمس ، وقال رؤبة بن العجاج { الحرور } بالليل والسموم بالنهار ، وليس كما قال وإنما الأمر كما حكى الفراء وغيره أن السموم يختص بالنهار و { الحرور } يقال في حر الليل وفي حر النهار{[9712]} ، وتأول قوم { الظل } في هذه الآية الجنة ، و { الحرور } جهنم .


[9712]:يرى أبو حيان أن هذا الاعتراض على كلام رؤبة مرفوض، قال: "لأنه تؤخذ منه اللغة، فأخبر عن لغة قومه".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَا ٱلظِّلُّ وَلَا ٱلۡحَرُورُ} (21)

وضُرِب الظِلّ مَثَلاً لأثر الإِيمان ، وضدُّه وهو الحرور مثلاً لأثر الكفر ؛ فالظل مكان نعيم في عرف السامعين الأولين ، وهم العرب أهل البلاد الحارة التي تتطلب الظل للنعيم غالباً إلا في بعض فصل الشتاء ، وقوبل بالحَرور لأنه مُؤْلِم ومعذّب في عرفهم كما علمت ، وفي مقابلته بالحرور إيذان بأن المراد تشبيهه بالظل في حالة استطابته .

و{ الحرور } حر الشمس ، ويطلق أيضاً على الريح الحارة وهي السموم ، أو الحَرور : الريح الحارة التي تهب بليل والسموم تهب بالنهار .

وقدم في هذه الفقرة ما هو من حال المؤمنين على عكس الفقرات الثلاث التي قبلها لأجل الرعاية على الفاصلة بكلمة { الحرور } .

وفواصل القرآن من متممات فصاحته ، فلها حظ من الإِعجاز .

فحال المؤمن يشبه حال الظل تطمئن فيه المشاعر ، وتصدر فيه الأعمال عن تبصر وتريّث وإتقان . وحال الكافر يشبه الحَرور تضطرب فيه النفوس ولا تتمكن معه العقول من التأمل والتبصر وتصدر فيها الآراء والمساعي معجَّلة متفككة .

وأعلم أن تركيب الآية عجيب فقد احتوت على واوات عطْف وأدوات نفي ؛ فكلّ من الواوين اللذين في قوله : { ولا الظلمات } الخ ، وقوله : { الظل } الخ عاطف جملة على جملة وعاطف تشبيهات ثلاثة بل تشبيه منها يجمع الفريقين . والتقدير : ولا تستوي الظلمات والنور ولا يستوي الظِّل والحرور ، وقد صرح بالمقدر أخيراً في قوله : { وما يستوي الأحياء ولا الأموات } .

وأما الواوات الثلاثة في قوله : { والبصير } { ولا النور } { ولا الحرور } فكل واو عاطف مفرداً على مفرد ، فهي ستة تشبيهات موزعة على كل فريق ؛ ف { البصير } عطف على { الأعمى } ، و { النور } عطف على { الظلمات } ، و { الحرور } عطف على { الظل } ، ولذلك أعيد حرف النفي .

وأما أدوات النفي فاثنان منها مؤكدان للتغلب الموجه إلى الجملتين المعطوفتين المحذوف فعلاهما { ولا الظلمات ولا الظل } ، واثنان مؤكدان لتوجه النفي إلى المفردين المعطوفين على مفردين في سياق نفي التسوية بينهما وبين ما عطفا عليهما وهما واو { ولا النور } ، وواو { ولا الحرور } ، والتوكيد بعضه بالمثل وهو حرف { لا } وبعضه بالمرادف وهو حرف { ما } ولم يؤت بأداة نفي في نفي الاستواء الأول لأنه الذي ابتدىء به نفي الاستواء المؤكد من بعد فهو كله تأييس . وهو استعمال قرآني بديع في عطف المنفيات من المفردات والجمل ، ومنه قوله تعالى : { لا تستوي الحسنة ولا السيئة } في سورة فصّلت ( 34 ) .