ومن ثم تجيء اللفتة الأخيرة في السورة لعلاج الكنود والجحود والأثرة والشح ، لتحطيم قيد النفس وإطلاقها منه . مع عرض مشهد البعث والحشر في صورة تنسي حب الخير ، وتوقظ من غفلة البطر :
( أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور ، وحصل ما في الصدور ? ) . .
وهو مشهد عنيف مثير . بعثرة لما في القبور . بعثرة بهذا اللفظ العنيف المثير .
وقوله : { أفَلا يَعْلَمُ إذَا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ } يقول : أفلا يعلم هذا الإنسان الذي هذه صفته ، إذا أُثير ما في القبر ، وأُخرج ما فيها من الموتى وبُحث .
وذُكر أنها في مصحف عبد الله : «إذا بُحث ما في القبور » ، وكذلك تأوّل ذلك أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : { بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ } بُحث . وللعرب في بُعْثِرَ لغتان : تقول : بُعثر ، وبُحثر ، ومعناهما واحد .
فُرع على الإِخبار بكنود الإِنسان وشحه استفهام إنكاري عن عدم علم الإِنسان بوقت بعثرة ما في القبور وتحصيل ما في الصدور فإنه أمر عجيب كيف يغفل عنه الإِنسان . وهمزة الاستفهام قدمت على فاء التفريع لأن الاستفهام صدر الكلام .
وانتصب { إذا } على الظرفية لمفعول { يعلم } المحذوف اقتصاراً ، لِيَذْهَبَ السامع في تقديره كلَّ مذهب ممكن قصداً للتهويل .
والمعنى : ألا يعلم العذابَ جزاءً له على ما في كنوده وبخله من جناية متفاوتة المقدار إلى حد إيجاب الخلود في النار .
وحُذف مفعولا { يعلم } ولا دليل في اللفظ على تعيين تقديرهما فيوكل إلى السامع تقدير ما يقتضيه المقام من الوعيد والتهويل ويسمى هذا الحذف عند النحاة الحذف الاقتصاري ، وحذف كلا المفعولين اقتصاراً جائز عند جمهور النحاة وهو التحقيق وإن كان سيبويه يمنعه .
و{ بُعثِر } : معناه قُلب من سفل إلى علوّ ، والمراد به إحياء ما في القبور من الأموات الكاملة الأجساد أو أجزائها ، وتقدم بيانه عند قوله تعالى : { وإذا القبور بعثرت } في سورة الانفطار ( 4 ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.