المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِنَّمَا يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ قَٰتَلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَأَخۡرَجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ وَظَٰهَرُواْ عَلَىٰٓ إِخۡرَاجِكُمۡ أَن تَوَلَّوۡهُمۡۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمۡ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (9)

9- إنما ينهاكم الله عن الذين حاربوكم في الدين ليصدوكم عنه ، وأجبروكم على الخروج من دياركم ، وعاونوا على إخراجكم منها أن تتخذوهم أنصاراً ، ومن يتخذ هؤلاء أنصاراً فأولئك هم الظالمون لأنفسهم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّمَا يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ قَٰتَلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَأَخۡرَجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ وَظَٰهَرُواْ عَلَىٰٓ إِخۡرَاجِكُمۡ أَن تَوَلَّوۡهُمۡۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمۡ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (9)

ثم ذكر الذين نهاهم عن صلتهم فقال :{ إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم } وهم مشركو مكة ، { أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّمَا يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ قَٰتَلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَأَخۡرَجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ وَظَٰهَرُواْ عَلَىٰٓ إِخۡرَاجِكُمۡ أَن تَوَلَّوۡهُمۡۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمۡ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (9)

[ وقوله : ] { إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ } أي : لأجل دينكم ، عداوة لدين الله ولمن قام به ، { وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا } أي : عاونوا غيرهم { عَلَى إِخْرَاجِكُمْ } نهاكم الله { أَنْ تَوَلَّوْهُمْ } بالمودة والنصرة ، بالقول والفعل ، وأما بركم وإحسانكم ، الذي ليس بتول للمشركين ، فلم ينهكم الله عنه ، بل ذلك داخل في عموم الأمر بالإحسان إلى الأقارب وغيرهم من الآدميين ، وغيرهم .

{ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } وذلك الظلم يكون بحسب التولي ، فإن كان توليا تاما ، صار{[1057]}  ذلك كفرا مخرجا عن دائرة الإسلام ، وتحت ذلك من المراتب ما هو غليظ ، وما هو دون ذلك .


[1057]:- في ب: كان ذلك.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنَّمَا يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ قَٰتَلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَأَخۡرَجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ وَظَٰهَرُواْ عَلَىٰٓ إِخۡرَاجِكُمۡ أَن تَوَلَّوۡهُمۡۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمۡ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (9)

{ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ الله } - تعالى - { عَنِ } بر وصلى { الذين قَاتَلُوكُمْ فِي الدين } أى قاتلوكم لأجل أنكم على غير دينهم ، { وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ } التى تسكنونها ، { وَظَاهَرُواْ على إِخْرَاجِكُمْ } أي : وعاونوا غيرهم على إخراجكم من دياركم ، يقال : ظاهر فلان فلانا على كذا ، إذا عاونه فى الوصول إلى مطلبه .

وقوله : { أَن تَوَلَّوْهُمْ } بدل اشتمال من { الذين قَاتَلُوكُمْ } أى : ينهاكم - سبحانه - عن موالاة ، ومواصلة ، وبر الذين قاتلوكم فى الدين ، وأخرجوكم من دياركم .

{ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ } أي : ومن يبر منكم - أيها المؤمنون - هؤلاء الذين قاتلوكم { فأولئك } الذين يفعلون ذلك هُمُ الظالمون } لأنفسهم ظلما شديدا يستحقون بسببه العقاب الذى لا يعلمه إلا هو - سبحانه - .

فأنت ترى أن الآية الأولى قد رخصت لنا فى البر والصلة - قولا وفعلا - للكفار الذين لم يقاتلونا لأجل ديننا ، ولم يحاولوا الإساءة إلينا ، بينما الآية اثانية قد نهتنا عن البر أو الصلة لأولئك الكافرين ، الذين قاتلونا من أجل مخالفتنا لهم فى العقيدة ، وحاولوا إخراجنا من ديارنا أو أخرجوا بعضنا بالفعل - وعاونوا غيرهم على إنزال الأذى بنا .

هذا ، ويرى بعض العلماء أن الآية الأولى منسوخة .

قال القرطبى : قال ابن زيد : كان هذا فى أول الإسلام عند الموادعة ، وترك الأمر بالقتال ، ثم نسخ هذا الحكم .

قال قتادة : نسخها قوله - تعالى - { فاقتلوا المشركين حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } والذى عليه المحققون من العلماء ، أن الآية محكمة وليست منسوخة ، لأنها تقرر حكما يتفق مع شريعة الإسلام فى كل زمان ومكان ، وهو أننا لا نؤذي إلا من آذانا ، ولا نقاتل إلا من أظهر العداوة لنا بأية صورة من الصور .

وأقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله تؤيد عدم النسخ ، فقد كان - صلى الله عليه وسلم - يستقبل الوفود التي تأتيه لمناقشتها فى بعض الأمور الدينية ، مقابلة كريمة ، ويتجلى ذلك فيما فعله مع وفد نجران ، ووفد تميم وغيرهما .

كذلك مما يؤيد عدم النسخ ، أنه لا تعارض بين هذه الآية ، وبين آية السيف ، لأن الأمر بالقتال إنما هو بالنسبة لقوم يستحقونه ، بأن يكونوا قد قالتونا أو أخرجونا من ديارنا ، كما جاء فى الآية الثانية .

وأما الرخصة فى البر والصلة ، فهى فى شأن الذين لم يقاتلونا ولم يخرجونا من ديارنا ، كما جاء فى الآية الثانية .

وأما الرخصة فى البر والصلة ، فهى فى شأن الذين لم يقاتلونا ولم يخرجونا من ديارنا ، وهذا ما صرحت به الآية الأولى .

ورحم الله الإمام ابن جرير فقد قال بعد أن ذكر الآراء فى ذلك : وأولى الأقوال فى ذلك بالصواب قول من قال : عنى بقوله - تعالى - : { لاَّ يَنْهَاكُمُ الله عَنِ الذين لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدين . . } جميع أصناف الملل والأديان ، أن تبروهم وتصلوهم وتقسطوا إليهم . . ويشمل ذلك من كانت تلك صفته ، دون تخصيص لبعض دون بعض .

ولا معنى لقول من قال : ذلك منسوخ ، لن بر المؤمن من أهل الحرب ، ممن بينه وبينه قرابة نسب ، أو ممن لا قرابة بينه ولا نسب ، غير محرم ، ولا منهى عنه ، إذا لم يكن فى ذلك ، دلالة له أو لأهل الحرب ، على عورة لأهل الإسلام ، أو تقوية لهم بكراع أو سلاح .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّمَا يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ قَٰتَلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَأَخۡرَجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ وَظَٰهَرُواْ عَلَىٰٓ إِخۡرَاجِكُمۡ أَن تَوَلَّوۡهُمۡۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمۡ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (9)

وقوله : { إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ } أي : إنما ينهاكم عن موالاة هؤلاء الذين ناصبوكم العداوة ، فقاتلوكم وأخرجوكم ، وعاونوا على إخراجكم ، ينهاكم الله عن موالاتهم ويأمركم بمعاداتهم . ثم أكد الوعيد على موالاتهم فقال : { وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } كقوله :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } [ المائدة : 51 ] .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّمَا يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ قَٰتَلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَأَخۡرَجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ وَظَٰهَرُواْ عَلَىٰٓ إِخۡرَاجِكُمۡ أَن تَوَلَّوۡهُمۡۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمۡ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (9)

روي أن قتيلة بنت عبد العزى قدمت مشركة على بنتها أسماء بنت أبي بكر بهدايا فلم تقبلها ولم تأذن لها بالدخول ، فنزلت إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم كمشركي مكة فإن بعضهم سعوا في إخراج المؤمنين وبعضهم أعانوا المخرجين أن تولوهم بدل من الذين بدل الاشتمال ، ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون لوضعهم الولاية في غير موضعها .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّمَا يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ قَٰتَلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَأَخۡرَجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ وَظَٰهَرُواْ عَلَىٰٓ إِخۡرَاجِكُمۡ أَن تَوَلَّوۡهُمۡۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمۡ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (9)

فذلكة لما تقدم وحصْر لحكم الآية المتقدمة . وهي تؤذن بانتهاء الغرض المسوق له الكلام من أوله .

والقصر المستفاد من جملة { إنما ينهاكم الله } إلى آخرها قصر قلب لرد اعتقاد من ظن أو شكَّ في جواز صلة المشركين على الإِطلاق . والذين تحققت فيهم هذه الصفات يوم نزول الآية هم مشركو أهل مكة ، و { أن تولوهم } بدل اشتمال من { الذين قاتلوكم } ، { ومن يتولهم } شرط ، وجيء في جواب الشرط باسم الإِشارة لتمييز المشار إليهم زيادة في إيضاح الحكم .

والمظاهرة : المعاونة . وذلك أن أهل مكة فريقان ، منهم من يأتي بالأسباب التي لا يحتمل المسلمون معها البقاء بمكة ، ومنهم من يعين على ذلك ويغري عليه .

والقصر المستفاد من قوله : { فأولئك هم الظالمون } قصر ادعائي ، أي أن ظلمهم لشدَّته ووقوعه بعد النهي الشديد والتنبيه على الأخطاء والعصيان ظلم لا يغفر لأنه اعتداء على حقوق الله وحقوق المسلمين وعلى حق الظالم نفسه .