وقوله - سبحانه - : { إِنَّ لَدَيْنَآ أَنكَالاً وَجَحِيماً . . } تعليل لما قبله . والأنكال : جمع نكل - بكسر النون وسكون الكاف - وهو القيد الثقيل ، يوضع فى الرجل لمنع الحركة . وسميت القيود بذلك لأنها تجعل صاحبها موضع عبرة وعظة ، أو لأنها تجعل صاحبها ممنوعا من الحركة ، والتقلب فى مناكب الأرض .
أى : إن لدنيا ما هو أشد من ردك عليهم . . وهو تلك القيود التى نقيد حركتهم بها ، وإن لدينا " جحيما " أى : نارا شديدة الاشتعال تلقى بهم فيها ، وإن لدينا كذلك " طعاما ذا غصة " أى : طعاما يلتصق فى الحلوق ، فلا هو خارج منها ، ولا هو نازل عنها ، بل هو ناشب فيها لبشاعته ومرارته .
( إن لدينا أنكالا وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا أليما ) . .
والأنكال - هي القيود - والجحيم والطعام ذو الغصة الذي يمزق الحلوق والعذاب الأليم . . كلها جزاء مناسب ( لأولي النعمة ) ! الذين لم يرعوا النعمة ، ولم يشكروا المنعم ، فاصبر يا محمد عليهم صبرا جميلا وخل بيني وبينهم . ودعهم فإن عندنا قيودا تنكل بهم وتؤذيهم ، وجحيما تجحمهم وتصليهم ، وطعاما تلازمه الغصة في الحلق ، وعذابا أليما في يوم مخيف . . .
وهذا تعليل لجملة { وذرني والمكذبين } [ المزمل : 11 ] ، أي لأن لدينا ما هو أشد عليهم من ردِّك عليهم ، وهذا التعليل أفاد تهديدهم بأن هذه النقم أعدت لهم لأنها لما كانت من خزائن نقمة الله تعالى كانت بحيث يضعها الله في المواضع المستأهلة لها ، وهم الذين بدّلوا نعمة الله كفراً ، فأعد الله لهم ما يكون عليهم في الحياة الأبدية ضداً لأصول النَّعمة التي خُوِّلوها ، فبطِروا بها وقابلوا المنعِم بالكفران .
فالأنكال مقابل كفرانهم بنعمة الصحة والمقدرة لأن الأنكال القيود . والجحيم : وهو نار جهنم مقابل ما كانوا عليه من لذة الاستظلال والتبرد . والطعام : ذو الغُصة مقابل ما كانوا منهمكين فيه من أطعمتهم الهنيئة من الثمرات والمطبوخات والصيد . والأنكال : جمع نِكْل بفتح النون وبكسرها وبسكون الكاف . وهو القيد الثقيل .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
فالأنكال عقوبة من ألوان العذاب، ثم ذكر العقوبة، فقال: وجحيما، يعني ما عظم من النار.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
إن عندنا لهؤلاء المكذّبينّ بآياتنا" أنكالاً"، يعني قيودا...
وقوله: "وَجَحِيما": ونارا تسعر.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{إِنَّ لدينا} ما يضاد تنعمهم من أنكال: وهي القيود الثقال، عن الشعبي. إذا ارتفعوا استفلت بهم. ومن جحيم: وهي النار الشديدة الحر والاتقاد.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
و «الأنكال» جمع نكل، وهو القيد من الحديد.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
ولما كان هذا منادياً بعذابهم، وكان وصفهم بالنعمة مفهماً لأنهم معتادون بالمآكل الطيبة، وكان منع اللذيذ من المآكل لمن اعتاده لا يبلغ في نكاية النفس بحد نكاية البدن إلاّ بعد تقدم إهانة، استأنف قوله بياناً لنوع ما أفهمه التهديد من مطلق العذاب، وأكد لأجل تكذيبهم: {إن} وأشار إلى شدة غرابته وجلالته وعظمته وخصوصيته وتحقق حضوره بقوله: {لدينا} دون عندنا ولما كان أشد ما على الإنسان منعه مما يريد من الانبساط به بالحركات، قال ذاكراً ما يضاد ما هم فيه من النعمة والعز: {أنكالاً} وهو القيد الثقيل الذي لا يفك أبداً إهانة لهم لا خوفاً من فرارهم، جزاء على تقييدهم أنفسهم بالشهوات عن اتباع الداعي، وإيساعهم في المشي في فضاء الأهوية. ولما كان ذلك محرقاً للباطن أتبعه حريق الظاهر فقال: {وجحيماً} أي ناراً حامية جداً شديدة الاتقاد بما كانوا يتقيدون به من تبريد الشراب، والتنعم برقيق اللباس والثياب، وتكلف أنواع الراحة.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
وهذا تعليل لجملة {وذرني والمكذبين}، أي لأن لدينا ما هو أشد عليهم من ردِّك عليهم، وهذا التعليل أفاد تهديدهم بأن هذه النقم أعدت لهم لأنها لما كانت من خزائن نقمة الله تعالى، كانت بحيث يضعها الله في المواضع المستأهلة لها، وهم الذين بدّلوا نعمة الله كفراً، فأعد الله لهم ما يكون عليهم في الحياة الأبدية ضداً لأصول النَّعمة التي خُوِّلوها، فبطِروا بها وقابلوا المنعِم بالكفران.
فالأنكال مقابل كفرانهم بنعمة الصحة والمقدرة لأن الأنكال القيود.
والجحيم: وهو نار جهنم مقابل ما كانوا عليه من لذة الاستظلال والتبرد.
والطعام: ذو الغُصة مقابل ما كانوا منهمكين فيه من أطعمتهم الهنيئة من الثمرات والمطبوخات والصيد.