الآيتان 12و13 : وقوله تعالى : { إن لدينا أنكالا وجحيما }{ وطعاما ذا غصة وعذابا أليما } قال ابن مسعود رضي الله عنه : { الأنكال ، هي{[22478]} السلاسل والقيود .
وقال أبو بكر الأصم : الأنكال ما ينكل به ، ويعير به غيره . قال الله تعالى : { فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين } [ البقرة : 66 ] تأويله : ما بين يديها من قرىً ، وما خلفها من القرى أيضا .
فإن كان على ما ذكره أبو بكر الأصم فقد يكون في الدنيا ، ويكون منصرفا إلى يوم بدر ، والله أعلم .
وكان الأول أشبه . والجحيم ، هو معظم النار .
ثم في هذه الآية دلالة نبوّة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وآية رسالته لأن قوله : { إن لدينا أنكالا وجحيما } راجع إلى قوله : { وذرني والمكذبين أولي النعمة } فإن لهم لدينا أنكالا وجحيما ، وإنما ينكَّلون ، ويعذَّبون بالجحيم إذا ماتوا على الكفر .
ففيه إبانه أنهم يموتون ، وهم كفار . وعلى ذلك ماتوا ، وختم أمرهم ، ولم يسلم منهم أحد ، فيخرج ما أخبر عن غيب كما أخبر ، وذلك لا يُعلم إلا بالله تعالى . فثبت أنه لم يخترعه من تلقاء نفسه ، بل علم بالله تعالى ، وعلم الغيب من أعظم آيات رسالته .
وقوله تعالى : { وطعاما ذا غصة وعذابا أليما } فالذي يُغَص[ به ]{[22479]} ولا يُقدر على ابتلاعه ، ليس بطعام في الحقيقة . وقال : { لهم شراب من حميم }[ يونس : 4 ] فالحميم ليس بشراب في التحقيق ، ولكن سمَّى الأول طعاما لأنه يُمضغ مضغ الطعام . والصّديد والحميم يسيلان سيل الشراب ، فذكر في الأول طعاما وفي الثاني شرابا لهذا .
ولأن الطعام اسم لما يُطعم ، فهو مطعوم ، وإن كان كريها ، والحميم مشروب ، وإن كان في نفسه كريها .
ثم الأصل أن الكفرة بكفرهم تركوا شكر نعم الله تعالى وذكرها{[22480]} ، وقابلوها بالكفر ، فأبدل الله تعالى لهم في الآخرة مكان كل نَعمة{[22481]} نقمة . ألا ترى إلى قوله تعالى : { ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما } ؟ [ الإسراء : 97 ] فأبدلهم مكان البصر عمىً ومكان السمع صمما لتركهم شكر ما أنعموا من البصر والسمع واللسان ، وأبدلهم مكان اللباس قطرانا ومكان المراكب السَّحب إلى النار على أقدامهم ووجوههم .
فكذلك أبدلهم مكان الطعام والشراب زقّوما وحميما لتركهم نعم الله تعالى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.