نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{إِنَّ لَدَيۡنَآ أَنكَالٗا وَجَحِيمٗا} (12)

ولما كان هذا منادياً بعذابهم ، وكان وصفهم بالنعمة مفهماً لأنهم معتادون بالمآكل الطيبة ، وكان منع{[69494]} اللذيذ من المآكل لمن اعتاده لا يبلغ في نكاية النفس بحد{[69495]} نكاية البدن إلاّ بعد تقدم إهانة ، استأنف قوله بياناً لنوع ما أفهمه التهديد من مطلق العذاب ، وأكد لأجل تكذيبهم{[69496]} : { إن } وأشار إلى شدة غرابته وجلالته وعظمته وخصوصيته وتحقق حضوره بقوله : { لدينا } دون عندنا ولما كان أشد ما على الإنسان منعه مما يريد من الانبساط به بالحركات ، قال ذاكراً ما يضاد ما هم فيه من النعمة والعز : { أنكالاً } جمع نكل بالكسر وهو القيد الثقيل الذي لا يفك أبداً إهانة لهم لا خوفاً من فرارهم ، جزاء على تقييدهم أنفسهم{[69497]} بالشهوات عن اتباع الداعي وإيساعهم في المشي في فضاء الأهوية . ولما كان ذلك -{[69498]} محرقاً للباطن أتبعه حريق الظاهر فقال : { وجحيماً * } أي ناراً حامية جداً شديدة الاتقاد بما كانوا يتقيدون به-{[69499]} من تبريد الشراب{[69500]} ، والتنعم برقيق اللباس والثياب ، وتكلف أنواع الراحة .


[69494]:من ظ و م، وفي الأصل: مانع.
[69495]:في ظ: حد.
[69496]:زيد في الأصل: فقال، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[69497]:زيد من ظ و م.
[69498]:زيد من ظ و م.
[69499]:زيد من ظ.
[69500]:من ظ و م، وفي الأصل: الشرب.