المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَٱذۡكُرۡ فِي ٱلۡكِتَٰبِ إِسۡمَٰعِيلَۚ إِنَّهُۥ كَانَ صَادِقَ ٱلۡوَعۡدِ وَكَانَ رَسُولٗا نَّبِيّٗا} (54)

54- واتل - أيها الرسول - علي الناس ما في القرآن من قصة إسماعيل ، إنه كان يصدق في وعده ، وقد وعد أباه بالصبر علي ذبحه له ، وَوَفي بوعده ، ففداه الله وشرفه بالرسالة والنبوة .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱذۡكُرۡ فِي ٱلۡكِتَٰبِ إِسۡمَٰعِيلَۚ إِنَّهُۥ كَانَ صَادِقَ ٱلۡوَعۡدِ وَكَانَ رَسُولٗا نَّبِيّٗا} (54)

قوله تعالى : { واذكر في الكتاب إسماعيل } وهو إسماعيل بن إبراهيم جد النبي صلى الله عليه وسلم { إنه كان صادق الوعد } ، قال مجاهد : لم يعد شيئاً إلا وفى به . وقال مقاتل : وعد رجلاً أن يقيم مكانه حتى يرجع إليه الرجل ، فأقام إسماعيل مكانه ثلاثة أيام للميعاد حتى رجع إليه الرجل . وقال الكلبي : انتظره حتى حال عليه الحول . { وكان رسولاً } إلى جرهم { نبياً } ، مخبراً عن الله عز وجل .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱذۡكُرۡ فِي ٱلۡكِتَٰبِ إِسۡمَٰعِيلَۚ إِنَّهُۥ كَانَ صَادِقَ ٱلۡوَعۡدِ وَكَانَ رَسُولٗا نَّبِيّٗا} (54)

{ 54 - 55 } { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا }

أي : واذكر في القرآن الكريم ، هذا النبي العظيم ، الذي خرج منه الشعب العربي ، أفضل الشعوب وأجلها ، الذي منهم سيد ولد آدم .

{ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ } أي : لا يعد وعدا إلا وفى به . وهذا شامل للوعد الذي يعقده مع الله أو مع العباد ، ولهذا لما وعد من نفسه الصبر على ذبح أبيه [ له ]{[508]} وقال : { سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ } وفى بذلك ومكن أباه من الذبح ، الذي هو أكبر مصيبة تصيب الإنسان ، ثم وصفه بالرسالة والنبوة ، التي [ هي ] أكبر منن الله على عبده ، وأهلها{[509]} من الطبقة العليا من الخلق .


[508]:- زيادة من هامش ب.
[509]:- في ب: وجعله.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱذۡكُرۡ فِي ٱلۡكِتَٰبِ إِسۡمَٰعِيلَۚ إِنَّهُۥ كَانَ صَادِقَ ٱلۡوَعۡدِ وَكَانَ رَسُولٗا نَّبِيّٗا} (54)

ثم ساق - سبحانه - جانباً من فضائل إسماعيل - عليه السلام - وهو الفرع الثانى من ذرية إبراهيم ، فقال - تعالى - : { واذكر فِي الكتاب . . . } .

أى : واذكر فى هذا الكتاب لقومك - أيها الرسول الكريم - خبر جدك إسماعيل بن إبراهيم - عليهما السلام - لكى يتأسوا به فى صفاته الجليل ، { إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الوعد } ويكفى للدلالة على صدق وعده ، وشدة وفائه ، أنه وعد أباه بصبر على ذبحه فمل يخلف وعده . بل قال - كما حكى القرآن عنه - { ياأبت افعل مَا تُؤمَرُ ستجدني إِن شَآءَ الله مِنَ الصابرين } ووصف بصدق الوعد وإن كان غيره من النبيين كذلك تشريفاً وتكريماً له ، ولأن هذا الوصف من الأوصاف التى اكتملت شهرتها فيه .

وقد مدح الله - تعالى - الأوفياء بعهودهم فى آيات كثيرة منها قوله - تعالى - { والموفون بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ والصابرين فِي البأسآء والضراء وَحِينَ البأس أولئك الذين صَدَقُواْ وأولئك هُمُ المتقون } وروى الإمام الطبرانى عن ابن مسعود قال : لا يعد أحدكم صبيه ثم لا ينجز له فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " العدة دين " .

وقال القرطبى : " والعرب تمتدح بالوفاء ، وتذم بالخلف والغدر ، وكذلك سائر الأمم ، ولقد أحسن القائل :

متى ما يقل حر لصاحب حاجة نعم ، يقضها ، والحر للوعد ضامن .

وقوله - تعالى - : { وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً } أى : وكان من رسلنا الذين أرسلناهم لتبليغ شريعتنا ، ومن أنبيائنا الذين رفعنا منزلتهم وأعلينا قدرهم .

قالوا : وكانت رسالته بشريعة أبيه إلى قبيلة جرهم من عرب اليمن ، الذين نزلوا على أمه هاجر بوادى مكة حين خلفها إبراهيم وهى وابنها بذلك الوادى ، فسكنوا هناك حتى كبر إسماعيل وزوجوه منهم ، وأرسله الله - تعالى - إليهم " .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱذۡكُرۡ فِي ٱلۡكِتَٰبِ إِسۡمَٰعِيلَۚ إِنَّهُۥ كَانَ صَادِقَ ٱلۡوَعۡدِ وَكَانَ رَسُولٗا نَّبِيّٗا} (54)

ثم يعود السياق إلى الفرع الآخر من ذرية إبراهيم . فيذكر إسماعيل أبا العرب : ( واذكر في الكتاب إسماعيل ، إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا . وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة ، وكان عند ربه مرضيا ) . .

وينوه من صفات إسماعيل بأنه كان صادق الوعد . وصدق الوعد صفة كل نبي وكل صالح ، فلا بد أن هذه الصفة كانت بارزة في إسماعيل بدرجة تستدعي إبرازها والتنويه بها بشكل خاص .

وهو رسول فلا بد أن كانت له دعوة في العرب الأوائل وهو جدهم الكبير . وقد كان في العرب موحدون أفراد قبيل الرسالة المحمدية ، فالأرجح أنهم بقية الموحدين من أتباع إسماعيل .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱذۡكُرۡ فِي ٱلۡكِتَٰبِ إِسۡمَٰعِيلَۚ إِنَّهُۥ كَانَ صَادِقَ ٱلۡوَعۡدِ وَكَانَ رَسُولٗا نَّبِيّٗا} (54)

هذا{[18884]} ثناء من الله تعالى على إسماعيل بن إبراهيم الخليل ، عليهما السلام ، وهو والد عرب الحجاز كلهم بأنه { كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ }

قال{[18885]} ابن جريج : لم يَعدْ ربه عدة إلا أنجزها ، يعني : ما التزم قط عبادة{[18886]} بنذر إلا قام بها ، ووفاها حقها .

وقال ابن جرير : حدثني يونس ، أنبأنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، أن سهل بن عقيل حدثه ، أن إسماعيل النبي ، عليه السلام ، وعد رجلا مكانًا أن يأتيه ، فجاء ونسي الرجل ، فظل به إسماعيل وبات حتى جاء الرجل من الغد ، فقال : ما برحت من هاهنا ؟ قال : لا . قال : إني نسيت . قال : لم أكن لأبرح حتى تأتيني . فلذلك { كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ } .

وقال سفيان الثوري : بلغني أنه أقام في ذلك المكان ينتظره حولا حتى جاءه .

وقال ابن{[18887]} شَوْذَب : بلغني أنه اتخذ ذلك الموضع سكنًا .

وقد روى أبو داود في سننه ، وأبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي في كتابه " مكارم الأخلاق " من طريق إبراهيم بن طَهْمَان ، عن عبد الله{[18888]} بن مَيْسَرة ، عن عبد الكريم - يعني : ابن عبد الله بن شَقيق - عن أبيه ، عن عبد الله بن أبي الحمساء قال : بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث فبقيت له عليّ بقية ، فوعدته أن آتيه بها في مكانه ذلك ، قال : فنسيت{[18889]} يومي والغد ، فأتيته في اليوم الثالث وهو في مكانه ذلك ، فقال لي : " يا فتى ، لقد شققت{[18890]} علي ، أنا هاهنا منذ ثلاث أنتظرك " لفظ الخرائطي{[18891]} ، وساق آثارًا حسنة في ذلك .

ورواه ابن مَنْده أبو عبد الله في كتاب " معرفة الصحابة " ، بإسناده{[18892]} عن إبراهيم بن طَهْمَان ، عن بُدَيْل بن ميسرة ، عن عبد الكريم ، به{[18893]} .

وقال بعضهم : إنما قيل له : { صَادِقَ الْوَعْدِ } ؛ لأنه قال لأبيه : { سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ } [ الصافات : 102 ] ، فصدق في ذلك .

فصدق الوعد من الصفات الحميدة ، كما أن خُلْفَه من الصفات الذميمة ، قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ } [ الصف : 2 ، 3 ] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان " {[18894]}

ولما كانت هذه صفات المنافقين ، كان التلبس بضدها من صفات المؤمنين ، ولهذا أثنى الله على عبده ورسوله إسماعيل بصدق الوعد ، وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صادق الوعد أيضًا ، لا يعد أحدًا شيئًا إلا وفّى له به ، وقد أثنى على أبي العاص بن الربيع زوج ابنته زينب ، فقال : " حدثني فصدقني ، ووعدني فوفى لي " {[18895]} . ولما توفي النبي صلى الله عليه وسلم قال الخليفة أبو بكر الصديق : من كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عدَةٌ أو دَيْن فليأتني أنجز له ، فجاءه{[18896]} جابر بن عبد الله ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قال : " لو جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا " ، يعني : ملء كفيه ، فلما جاء مال البحرين أمر الصديق جابرًا ، فغرف بيديه من المال ، ثم أمره بِعَدّه ، فإذا هو خمسمائة درهم ، فأعطاه مثليها معها{[18897]}

وقوله : { وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا } في هذا دلالة على شرف إسماعيل على أخيه إسحاق ؛ لأنه إنما وصف{[18898]} بالنبوة فقط ، وإسماعيل وصف{[18899]} بالنبوة والرسالة . وقد ثبت في صحيح مسلم{[18900]} أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل . . . " وذكر تمام الحديث ، فدل على صحة ما قلناه .


[18884]:في أ: "وهذا".
[18885]:في ت: "قالت".
[18886]:في ف، أ: "عبادة قط".
[18887]:في ت: "أبو".
[18888]:في سنن أبي داود: "بديل".
[18889]:في ت: "نسيت".
[18890]:في ت: "لو أشفقت".
[18891]:سنن أبي داود برقم (4996) ومكارم الأخلاق برقم (177).
[18892]:في ت، أ: "إنه بإسناده".
[18893]:ورواه ابن الأثير في أسد الغابة (3/113) بإسناده إلى إبراهيم بن طهمان عن بديل بن ميسرة مثله.
[18894]:رواه البخاري في صحيحه برقم (33) ومسلم في صحيحه برقم (59) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[18895]:رواه البخاري في صحيحه برقم (3729) ومسلم في صحيحه برقم (2449) من حديث المسور بن مخرمة رضي الله عنه.
[18896]:في أ: "فجاء".
[18897]:رواه البخاري في صحيحه برقم (2683) ومسلم في صحيحه برقم (2314).
[18898]:في ف: "وصفه".
[18899]:في ف: "وصفه".
[18900]:لفظه عند مسلم في صحيحه برقم (2276): "إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى من كنانة قريشا"، والله أعلم.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱذۡكُرۡ فِي ٱلۡكِتَٰبِ إِسۡمَٰعِيلَۚ إِنَّهُۥ كَانَ صَادِقَ ٱلۡوَعۡدِ وَكَانَ رَسُولٗا نَّبِيّٗا} (54)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نّبِيّاً } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : واذكر يا محمد في الكتاب إسماعيل بن إبراهيم ، فاقصص خبره إنه كان لا يكذب وعده ، ولا يخلف ، ولكنه كان إذا وعد ربه ، أو عبدا من عباده وعدا وفى به ، كما :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : إنّهُ كانَ صَادِقَ الوَعْدِ قال : لم يَعِدْ ربه عِدة إلا أنجزها .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني عمرو بن الحارث أن سهل بن عقيل ، حدّثه أن إسماعيل عليه السلام وعد رجلاً مكانا أن يأتيه ، فجاء ونسي الرجل ، فظلّ به إسماعيل ، وبات حتى جاء الرجل من الغد ، فقال : ما برحت من هاهنا ؟ قال : لا ، قال : إني نسيت ، قال : لم أكن لأبرح حتى تأتي ، فبذلك كان صادقا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَٱذۡكُرۡ فِي ٱلۡكِتَٰبِ إِسۡمَٰعِيلَۚ إِنَّهُۥ كَانَ صَادِقَ ٱلۡوَعۡدِ وَكَانَ رَسُولٗا نَّبِيّٗا} (54)

{ واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد } ذكره بذلك لأنه المشهور به والموصوف بأشياء في هذا الباب لم تعهد من غيره ، وناهيك أنه وعد الصبر على الذبح فقال { ستجدني إن شاء الله من الصابرين } فوفى . { وكان رسولا نبيا } يدل على أن الرسول لا يلزم أن يكون صاحب شريعة ، فإن أولاد إبراهيم كانوا على شريعته .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱذۡكُرۡ فِي ٱلۡكِتَٰبِ إِسۡمَٰعِيلَۚ إِنَّهُۥ كَانَ صَادِقَ ٱلۡوَعۡدِ وَكَانَ رَسُولٗا نَّبِيّٗا} (54)

وقوله تعالى : { واذكر في الكتاب إسماعيل } ، وهو أيضاً من لسان الصدق والشرف المضمون بقاؤه على آل إبراهيم عليه السلام ، و { إسماعيل } هو أبو العرب اليوم وذلك أن اليمينة والمضرية ترجع الى ولد { إسماعيل } وهو الذي أسكنه أبوه بواد غير ذي زرع وهو الذبيح في قوله الجمهور وقالت فرقة الذبيح إسحاق .

قال القاضي أبو محمد : والأول يترجح بجهات منها قول الله تبارك وتعالى : { ومن وراء إسحاق يعقوب }{[7980]} فولد قد بشر أبواه أنه سيكون منه ولد هو حفيد لهم كيف يؤمر بعد ذلك بذبحه وهذه العدة قد تقدمت ؟وجهة أخرى وهي أن أمر الذبح لا خلاف بين العلماء أنه كان بمنى عند مكة وما روي قد أن إسحاق دخل تلك البلاد ، وإسماعيل بها نشأ وكان أبوه يزور مراراً كثيرة يأتي من الشام ويرجع من يومه على البراق وهو مركب الأنبياء ، وجهة أخرى وهي قول النبي عليه السلام «أنا ابن الذبيحين »{[7981]} وهو أبوه عبدالله لأنه فدي بالإبل من الذبح ، والذبيح الثاني هو أبوه إسماعيل ، وجهة أخرى وهي الآيات في سورة الصافات وذلك أنه لما فرغ من ذكر الذبح وحاله ، قال

{ وبشرناه بإسحاق }{[7982]} [ الصافات : 112 ] ، فترتيب تلك الآيات يكاد ينص على أن الذبيح غير إسحاق ، ووصفه الله تعالى ب «صِدق الوعد » لأنه كان مبالغاً في ذلك ، روي أنه وعد رجلاً أن يلقاه في موضع فجاء إسماعيل وانتظر الرجل يومه وليلته فلما كان في اليوم الآخر جاء الرجل فقال له ما زلت هنا في انتظارك منذ أمس ، وفي كتاب ابن سلام أنه انتظره سنة وهذا بعيد غير صحيح والأول أصح ، وقد فعل مثله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قبل ان يبعث ، ذكره النقاش وخرجه الترمذي وغيره ، وذلك في مبايعة وتجارة{[7983]} وقيل وصفه ب «صدق الوعد » لوفائه بنفسه في أمر الذبح أذ قال { ستجدني إن شاء الله صابراً } [ الكهف : 69 ] وقال سفيان بن عيينة : أسوأ الكذب إخلاف الميعاد ورمي الأبرياء بالتهم ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «العدة دين{[7984]} فناهيك بفضيلة الصدق » في هذا .


[7980]:من الآية (71) من سورة (هود).
[7981]:أخرج ابن جرير الطبري في تفسيره، عن الصنابحي ، قال: "كنا عند معاوية ابن أبي سفيان، فذكروا الذبيح إسماعيل أو إسحق، فقال: على الخبير سقطتم، كنا عند رسول صلى الله عليه وسلم، فجاءه رجل فقال: يا رسول الله، عد علي مما أفاء الله عليك يابن الذبيحين، فضحك عليه الصلاة والسلام، فقلنا له: يا أمير المؤمنين، و ما الذبيحان؟ فقال: إن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم نذر لله لئن سهل عليه أمرها ليذبحن أحد ولده، قال: فخرج السهم على عبد الله، فمنعه أخواله ، وقالوا: افد ابنك بمائة من الإبل. ففداه بمائة من الإبل. وإسماعيل الثاني".
[7982]:من الآية (112) من سورة (الصافات).
[7983]:خرجه الترمذي عن عبد الله بن الحمساء ورواه أبو داود في سننه، وأخرجه الخرائطي في كتابه (مكارم الأخلاق) عن ابن الحمساء، قال: بايعت النبي صلى الله عليه وسلم ببيع قبل أن يبعث وبقيت له بقية فوعدته أن آتيه بها في مكانه فنسيت، ثم ذكرت بعد ثلاثة أيام فجئت فإذا هو في مكانه، فقال: " يا فتى لقد شققت علي، أنا هنا منذ ثلاث أنتظرك"، واللفظ لأبي داود.
[7984]:العدة: الوعد، والهاء عوض عن الواو، ويجمع على عدات، ولا يجمع الوعد، وفي معنى العدة الوأي ، وفي الأثر (وأي المؤمن واجب)، أي في أخلاق المؤمنين، و مما يؤيد ما ذكره ابن عطية الحديث الذي أخرجه البخاري في (الكفالة) ، عن جابر رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لو جاء مال البحرين قد أعطيتك هكذا وهكذا) ، فلم يجىء مال البحرين حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم، فلما جاء مال البحرين أمر أبو بكر فنادى: من كان له عند النبي صلى الله عليه وسلم عدة أو دين فليأتنا، فأتيته فقلت: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لي كذا وكذا، فحثا لي حثية فعددتها فإذا هي خمسمائة، وقال: خذ مثليها. وحديث (العدة دين) أخرجه الطبراني في الأوسط عن علي وعن ابن مسعود، وقد رمز له الإمام السيوطي "في الجامع الصغير" بأنه حديث ضعيف.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱذۡكُرۡ فِي ٱلۡكِتَٰبِ إِسۡمَٰعِيلَۚ إِنَّهُۥ كَانَ صَادِقَ ٱلۡوَعۡدِ وَكَانَ رَسُولٗا نَّبِيّٗا} (54)

خصّ إسماعيل بالذكر هنا تنبيهاً على جدارته بالاستقلال بالذكر عقب ذكر إبراهيم وابنه إسحاق ، لأن إسماعيل صار جدّ أمة مستقلة قبل أن يصير يعقوب جدّ أمة ، ولأن إسماعيل هو الابن البكر لإبراهيم وشريكُه في بناء الكعبة . وتقدم ذكر إسماعيل عند قوله تعالى : { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل } في سورة البقرة ( 127 ) .

وخصه بوصف صدق الوعد لأنه اشتهر به وتركه خُلقاً في ذريته .

وأعظم وعْدٍ صدقَه وعدُه إياه إبراهيم بأن يجده صابراً على الذبح فقال { ستجدني إن شاء الله من الصابرين } [ الصافات : 102 ] .

وجعله الله نبيئاً ورسولاً إلى قومه ، وهم يومئذ لا يعدون أهله أمه وبنيه وأصهاره من جُرهم .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَٱذۡكُرۡ فِي ٱلۡكِتَٰبِ إِسۡمَٰعِيلَۚ إِنَّهُۥ كَانَ صَادِقَ ٱلۡوَعۡدِ وَكَانَ رَسُولٗا نَّبِيّٗا} (54)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: واذكر يا محمد في الكتاب إسماعيل بن إبراهيم، فاقصص خبره إنه كان لا يكذب وعده، ولا يخلف، ولكنه كان إذا وعد ربه، أو عبدا من عباده وعدا وفى به...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{واذكر في الكتاب إسماعيل} على قول الحسن هو صلة قوله {ذكر رحمة ربك عبده زكريا} [مريم: 2] أي اذكر لهم رحمة ربك إسماعيل. وعلى قول غيره من أهل التأويل على الابتداء، أي اذكر لهم نبأ إسماعيل. وقصته في الكتاب على الاحتجاج له عليهم لأن هذه الأنباء والقصص كانت في كتبهم، فأخبروا رسوله عن تلك الأنباء والقصص على ما كانت ليخبرهم، فيعلموا أنه إنما عرفها بالله ليدلهم ذلك على نبوته ورسالته...

{إنه كان صادق الوعد} أي صديقا؛ والصديق هو القائم بوفاء كل حق، ظهر له، لأن كل مؤمن، يعتقد في أصل إيمانه طاعة ربه في كل أمر، يأمر به، والانتهاء عن كل نهي ينهاه، ووفاء كل حق عليه. فسماه {صادق الوعد} لقيامه بوفاء كل حق ظهر له وتجلى، والله أعلم.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

كان صادق الوعد إذ وعد من نفسه الصبر على ذبح أبيه، وصبر على ذلك إلى أن ظهر الفِداء. وصدق الوعد لأنه حفظ العهد.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

ذكر إسماعيل عليه السلام بصدق الوعد وإن كان ذلك موجوداً في غيره من الأنبياء، تشريفاً له وإكراماً، كالتلقيب بنحو: الحليم، والأوّاه، والصدّيق؛ ولأنه المشهور المتواصف من خصاله...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

اعلم أن إسماعيل هذا هو إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، واعلم أن الله تعالى وصف إسماعيل عليه السلام بأشياء: أولها: قوله: {إنه كان صادق الوعد} وهذا الوعد يمكن أن يكون المراد فيما بينه وبين الله تعالى ويمكن أن يكون المراد فيما بينه وبين الناس؛

أما الأول: فهو أن يكون المراد أنه كان لا يخالف شيئا مما يؤمر به من طاعة ربه، وذلك لأن الله تعالى إذا أرسل الملك إلى الأنبياء وأمرهم بتأدية الشرع فلا بد من ظهور وعد منهم يقتضي القيام بذلك، ويدل على القيام بسائر ما يخصه من العبادة.

وأما الثاني: فهو أنه عليه السلام كان إذا وعد الناس بشيء أنجز وعده فالله تعالى وصفه بهذا الخلق الشريف، وأيضا وعد من نفسه الصبر على الذبح فوفى به حيث قال: {ستجدني إن شاء الله من الصابرين}...

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

ولما كانت هذه صفات المنافقين، كان التلبس بضدها من صفات المؤمنين، ولهذا أثنى الله على عبده ورسوله إسماعيل بصدق الوعد، وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صادق الوعد أيضًا، لا يعد أحدًا شيئًا إلا وفّى له به،.

وقوله: {وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا} في هذا دلالة على شرف إسماعيل على أخيه إسحاق؛ لأنه إنما وصف بالنبوة فقط، وإسماعيل وصف بالنبوة والرسالة. وقد ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل..." وذكر تمام الحديث، فدل على صحة ما قلناه..

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كان إسماعيل عليه الصلاة والسلام هو الذي ساعد أباه إبراهيم عليه السلام في بناء البيت الذي كان من الأفعال التي أبقى الله بها ذكره، وشهر أمره وكان موافقاً لموسى عليه السلام في ظهور آية الماء الذي به حياة كل شيء وإن كانت آية موسى عليه السلام انقضت بانقضائه، وآيته هو باقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهي التي كانت سبب حياته وماؤها ببركته أفضل مياه الأرض، وجعل سبحانه آية الماء التي أظهرها له سبب حفظه من الجن والإنس والوحش وسائر المفسدين، إشارة إلى أنه سبحانه يحيي بولده محمد صلى الله عليه وسلم الذي غذاه بذلك الماء ورباه عند ذلك البيت إلى أن اصطفاه برسالته، فحسدته اليهود وأمرت بالتعنت عليه -ما لم يحي بغيره، ويجعله قطب الوجود كما خصه- من بين آل إبراهيم عليه السلام -بالبيت الذي هو كذلك قطب الوجود، ويشفي به من داء الجهل، ويغني به من مرير الفقر، كما جعل ماء زمزم طعام طعم وشفاء سقم، وكان صلى الله عليه وسلم آخر من شيد قدرهم، وأعظم من أعلى ذكرهم، عقب ذكره بذلك فقال: {واذكر في الكتاب} أباك الأقرب {إسماعيل} ابن إبراهيم عليهما السلام الذي هم معترفون بنبوته، ومفتخرون برسالته وأبوته، فلزم بذلك فساد تعليلهم إنكار نبوتك بأنك من البشر، ثم علل ذكره والتنويه بقدره بقوله معلماً بصعوبة الوفاء بالتأكيد: {إنه كان} جبلة وطبعاً {صادق الوعد} في حق الله وغيره لمعونة الله له على ذلك، بسبب أنه لا يعد وعداً إلا مقروناً بالاستثناء كما قال لأبيه حين أخبرهم بأمر ذبحه {ستجدني إن شاء الله من الصابرين} فكن أبي كذلك ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله، وخصه بالمدح به- وإن كان الأنبياء كلهم كذلك -لقصة الذبح فلا يلزم منه تفضيله {وكان رسولاً نبياً} نبأه الله بأخباره، وأرسله إلى قومه جرهم قاله الأصبهاني. وأتى أهل البراري بدين أبيه إبراهيم عليهما الصلاة والسلام فأحياها الله بنور الإيمان الناشئ عن روح العلم ووصفه بالرسالة زيادة على وصف أخيه إسحاق عليهما السلام وتقدم في أمر موسى عليه السلام سر الجمع بين الوصفين؛ وفي صحيح مسلم وجامع الترمذي- عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه "أن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل عليه السلام "وفي رواية الترمذي "أن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل"...

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

أي: واذكر في القرآن الكريم، هذا النبي العظيم، الذي خرج منه الشعب العربي، أفضل الشعوب وأجلها، الذي منهم سيد ولد آدم. {إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} أي: لا يعد وعدا إلا وفى به. وهذا شامل للوعد الذي يعقده مع الله أو مع العباد، ولهذا لما وعد من نفسه الصبر على ذبح أبيه [له] وقال: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} وفى بذلك ومكن أباه من الذبح، الذي هو أكبر مصيبة تصيب الإنسان، ثم وصفه بالرسالة والنبوة، التي [هي] أكبر منن الله على عبده، وأهلها من الطبقة العليا من الخلق.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وينوه من صفات إسماعيل بأنه كان صادق الوعد. وصدق الوعد صفة كل نبي وكل صالح، فلا بد أن هذه الصفة كانت بارزة في إسماعيل بدرجة تستدعي إبرازها والتنويه بها بشكل خاص. وهو رسول فلا بد أن كانت له دعوة في العرب الأوائل وهو جدهم الكبير. وقد كان في العرب موحدون أفراد قبيل الرسالة المحمدية، فالأرجح أنهم بقية الموحدين من أتباع إسماعيل...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

خصّ إسماعيل بالذكر هنا تنبيهاً على جدارته بالاستقلال بالذكر عقب ذكر إبراهيم وابنه إسحاق، لأن إسماعيل صار جدّ أمة مستقلة قبل أن يصير يعقوب جدّ أمة، ولأن إسماعيل هو الابن البكر لإبراهيم وشريكُه في بناء الكعبة. وتقدم ذكر إسماعيل عند قوله تعالى: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل} في سورة البقرة (127). وخصه بوصف صدق الوعد لأنه اشتهر به وتركه خُلقاً في ذريته...

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

وقد أفرد القرآن إسماعيل بالذكر، لأنه كان يقيم بالبلاد العربية، وأقام هو وأمه حول الكعبة، لسدانتها وحراستها، وإفراده بالذكر تشريف له وإكرام، فإذا كان أخوه إسحاق عليه السلام أبا أنبياء بني إسرائيل الذين قاموا بتنفيذ التوراة وتفسيرها، فإن من ذرية إسماعيل عليه السلام خاتم النبيين الذي جاء بالكتاب المهيمن على كل الكتب المنزلة، والذي فيه كل الأنبياء ومعجزاتهم. والكتاب كما ذكر هو القرآن وهو أكمل الكتب كما نوهنا، ولأن الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم فالكتاب الذي نزل عليه وهو القرآن، وقد ذكرنا وجوه كماله، وأنه سجل الأنبياء وشرائعهم الباقية ومعجزاتهم، ولا ترى لها مصدرا متواترا صادقا سواه، كما ذكرنا. وقد وصفه الله تعالى بأربعة أوصاف تدل على الكمال الإنساني الذي لا يعلو عليه كمال. الوصف الأول: أنه كان {صادق الوعد}، أي إذا وعد لا يخيس، ولا يكذب بل ينفذه، وكل الأنبياء كذلك ولكن وصف الله به إسماعيل، لأنه كان أخص أوصافه واشتهر به... الوصف الثاني: أنه كان {رسولا نبيا}، كما قال تعالى: {وكان رسولا نبيا} فقد جاء بشرائع ومنحه الله تعالى النبوة فقد كان ينزل عليه الوحي، ويكلمه الله تعالى بإحدى طرق الكلام، كما قال تعالى: {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا... 51} (الشورى)، وقد يقال: إن شريعته كانت شريعة أبيه إبراهيم، ونقول إنه أرسل بها، ولا مانع من أن يخاطب بالشريعة الواحدة رسولان، وقد ذكر الله تعالى أن إبراهيم كان رسولا وإسماعيل كان رسولا نبيا. الوصف الثالث: وهو عملي لأنه {وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة} إن إسماعيل عليه السلام كان حقا عليه أن يأمر قومه من العرب بالصلاة والزكاة، ولكن كان عليه أن يبدأ بأهله وذوى قرابته والمتصلين به، ثم ينتقل إلى غيرهم مبتدئا بالأقرب فالأقرب، كما ابتدأ النبي صلى الله عليه وسلم لعشيرته الأقربين بأمر الله تعالى في قوله: {وأنذر عشيرتك الأقربين 214 واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين 215} (الشعراء). ومن العلماء من قال: إن أهله الذين اتبعوه أجمعون، وذلك القول له، وجهه، وقد أمر نبي الله إسماعيل عليه السلام بأمرين: بالصلاة، وهذا رمز للتهذيب الجماعة التي يدعوها والتربية الروحية التي يكون بالصلاة، وما يشبهها في روحانيتها، تكون الركن الأول في المقاصد الدينية، ثم يجئ الأمر الثاني وهو الأمر بالزكاة، فإنها تكون الركن الاجتماعي الذي يكون به التعاون بين الجماعة في تحقق الركن الإنساني في الصلات بين الناس، وهذا يمثل الركن الثاني من المقاصد الدينية، ولا بد للثاني من الأول فهو لا يتحقق على وجهه الأكمل إلا بالأول، فالأول هو الرباط الروحي، والثاني رباط مادي لا يؤدي مؤداه إلا بتربية الروح. الوصف الرابع: وهو أعلى الأوصاف التي وصف بها إسماعيل عليه السلام هو رضا الله تعالى، فقد قال عز من قائل: {وكان عند ربه مرضيا} (مرضي) اسم مفعول من رضي، وقد زكي الله إسماعيل بأنه مرضى {عند ربه} فهو رضي في ذاته ومرضى عند ربه الذي خلقه وكونه وقام على وجوده، وهذا أعلى ما يصل إليه المؤمن، ولذا قال تعالى بعد ذكر نعيم الجنة المقيم {...ورضوان من الله أكبر... 72} (التوبة) فرضوان الله أكبر من كل جزاء، ولذا قال: {وكان عند ربه مرضيا} و (كان) في كل الأوصاف الله تعالى للدوام والاستمرار، اللهم أدم علينا نعمتك وامنحنا رضاك...

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً} فكان من المفروض أن يدعو الناس بعمله قبل أن يدعوهم بلسانه، لأن ذلك أعمق أساليب الدعوة...