تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَٱذۡكُرۡ فِي ٱلۡكِتَٰبِ إِسۡمَٰعِيلَۚ إِنَّهُۥ كَانَ صَادِقَ ٱلۡوَعۡدِ وَكَانَ رَسُولٗا نَّبِيّٗا} (54)

الآية 54 : وقوله تعالى : { واذكر في الكتاب إسماعيل } على قول الحسن هو صلة قوله { ذكر رحمة ربك عبده زكريا } [ مريم : 2 ] أي اذكر لهم رحمة ربك إسماعيل . وعلى قول غيره من أهل التأويل على الابتداء ، أي اذكر لهم نبأ إسماعيل . وقصته في الكتاب على الاحتجاج له عليهم لأن هذه الأنباء والقصص كانت في كتبهم ، فأخبروا رسوله عن تلك الأنباء والقصص على ما كانت ليخبرهم ، فيعلموا أنه إنما عرفها بالله ليدلهم ذلك على نبوته{[12021]} ورسالته .

ثم اختلف في إسماعيل : قال عامة أهل التأويل : هو إسماعيل بن إبراهيم ، صلوات الله عليهما ، وقال بعضهم : هو الذي قالوا { ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله } [ البقرة : 246 ] ولكن لا نعلم ذلك إلا بالخبر عن الله . وليس لنا إلى معرفة ذلك حاجة .

وقوله تعالى : { إنه كان صادق الوعد } قال عامة أهل التأويل : سماه صادق الوعد [ لأنه وعد ]{[12022]} رجلا /326-أ/ أي يقيم عليه ، وأن ينتظره حتى يرجع إليه ، فأقام مكانة أياما ، ينتظره للميعاد حتى رجع إليه .

لكن لا يحتمل أن يكون مِثْلُ إسماعيل يعد عدة ، ولا يستثني . وقد نهى الله رسوله أن يقول : إنه فاعل كذا غدا حتى يستثني ، { ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا } { إلا أن يشاء الله } [ الكهف : 23 و24 ] . و يكون قوله { إنه كان صادق الوعد } أي صديقا ؛ والصديق هو القائم بوفاء كل حق ، ظهر له ، لأن كل مؤمن ، يعتقد في أصل إيمانه طاعة ربه في كل أمر ، يأمر به ، والانتهاء عن كل نهي ، ينهاه ، ووفاء كل حق عليه . فسماه { صادق الوعد } لقيامه بوفاء كل حق ، ظهر له ، وتجلى ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وكان رسولا نبيا } قد ذكرناه .


[12021]:في الأصل و.م: النبوة.
[12022]:من م، ساقطة م الأصل.