{ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ } أى : وهو - تعالى - الذى يفعل كل شئ يريده . دون أن يعترض عليه أحد ، بل فعله هو النافذ ، وأمره هو السارى والمطاع .
وجاءت كلمة " فعال " بصيغة المبالغة ، للدلالة على أن ما يريده ويفعله - مع كثرته - هو فى غاية النفاذ والسرعة ، كما قال - تعالى - : { إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } فهذه الصفة من الصفات الجامعة لعظمته الذاتية ، وعظمة نعمه ومننه وعطاياه .
( فعال لما يريد ) . . هذه صفته الكثيرة التحقق ، الدائبة العمل . . فعال لما يريد . . فهو مطلق الإرادة ، يختار ما يشاء ؛ ويفعل ما يريده ويختاره ، دائما أبدا ، فتلك صفته سبحانه .
يريد مرة أن ينتصر المؤمنون به في هذه الأرض لحكمة يريدها . ويريد مرة أن ينتصر الإيمان على الفتنة وتذهب الأجسام الفانية لحكمة يريدها . . يريد مرة أن يأخذ الجبارين في الأرض . ويريد مرة أن يمهلهم لليوم الموعود . . لحكمة تتحقق هنا وتتحقق هناك ، في قدره المرسوم . .
فهذا طرف من فعله لما يريد . يناسب الحادث ويناسب ما سيأتي من حديث فرعون وثمود . وتبقى حقيقة الإرادة الطليقة والقدرة المطلقة وراء الأحداث ووراء الحياة والكون تفعل فعلها في الوجود . فعال لما يريد . . وهاك نموذجا من فعله لما يريد .
ثم ذَيل ذلك بصفة جامعة لعظمته الذاتية وعظمة نعمه بقوله : { فعال لما يريد } أي إذا تعلقت إرادته بفعل ، فَعَله على أكمل ما تعلقت به إرادته لا ينقصه شيءٌ ولا يُبطىء به ما أراد تعجيله . فصيغة المبالغة في قوله : { فعال } للدلالة على الكثرة في الكمية والكيفية .
والإِرادة هنا هي المعرَّفة عندنا بأنها صفة تخصص الممكن ببعض ما يجوز عليه وهي غير الإِرادة بمعنى المحبة مثل { يريد اللَّه بكم اليسر } [ البقرة : 185 ] .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
ليس يريد شيئا إلا فعله، يقول: إن العبد يفرق من سيده أن يفعل ما يشاء، والسيد يفرق من أميره الذي هو عليه، والأمير يفرق من الملك، والملك يفرق من الله عز وجل، والله عز وجل لا يفرق من أحد أن يفعل.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
هو غفار لذنوب من شاء من عباده إذا تاب وأناب منها، معاقب من أصرّ عليها وأقام، لا يمنعه مانع من فعل أراد أن يفعله، ولا يحول بينه وبين ذلك حائل، لأن له مُلك السموات والأرض، وهو العزيز الحكيم...
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
معناه: ما يشاءه ويريده من أفعال نفسه يفعله، لا يمنعه من ذلك مانع ولا يعترض عليه...
لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :
لأنه مالِكٌ على الإطلاق؛ فلا حَجْر عليه ولا حَظْرَ...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{فَعَّالٌ}... إنما قيل: فعال؛ لأنّ ما يريد ويفعل في غاية الكثرة...
فعال لما يريد على ما يراه لا يعترض عليه معترض ولا يغلبه غالب، فهو يدخل أولياءه الجنة لا يمنعه منه مانع، ويدخل أعداءه النار لا ينصرهم منه ناصر، ويمهل العصاة على ما يشاء إلى أن يجازيهم، ويعاجل بعضهم العقوبة إذا شاء، ويعذب من شاء منهم في الدنيا وفي الآخرة، يفعل من هذه الأشياء ومن غيرهما ما يريد...
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
أي: مهما أراد فعله، لا معقب لحكمه، ولا يسأل عما يفعل؛ لعظمته وقهره وحكمته وعدله،...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
هذه صفته الكثيرة التحقق، الدائبة العمل.. فعال لما يريد.. فهو مطلق الإرادة، يختار ما يشاء؛ ويفعل ما يريده ويختاره، دائما أبدا، فتلك صفته سبحانه...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
{فعال لما يريد} أي إذا تعلقت إرادته بفعل، فَعَله على أكمل ما تعلقت به إرادته لا ينقصه شيءٌ ولا يُبطئ به ما أراد تعجيله. فصيغة المبالغة في قوله: {فعال} للدلالة على الكثرة في الكمية والكيفية. والإِرادة هنا هي المعرَّفة عندنا بأنها صفة تخصص الممكن ببعض ما يجوز عليه وهي غير الإِرادة بمعنى المحبة مثل {يريد اللَّه بكم اليسر} [البقرة: 185]...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.