اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَعَّالٞ لِّمَا يُرِيدُ} (16)

قوله : { فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ } أي : لا يمتنع عليه شيء يريده .

قال الزمخشريُّ{[59785]} : «فعالٌ » خبر مبتدأ محذوف ، وإنما قيل : «فعال » ؛ لأن ما يريد ويفعل في غاية الكثرة .

وقال الفراء : هو رفع على التكرير والاستئناف ؛ لأنه نكرة محضة على وجه الإتباع لإعراب الغفور الودود .

وعن أبي السفر قال : دخل ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على أبي بكر - رضي الله عنه - يعودونه ، فقالوا : ألا نأتيك بطبيبٍ ؟ قال رضي الله عنه : قد رآنِي ، قالوا : فَمَا قَال لَك ؟ قال : قال : إنِّي فعَّالٌ لما أريدُ{[59786]} .

فصل في أن الآية دلت على خلق الأفعال

دلَّت هذه الآية على خلق الأفعال ؛ لأنه تعالى يريد الإيمان ، فوجب أن يكون فاعلاً للإيمان ، وإذا كان فاعلاً للإيمان وجب أن يكون فاعلاً للكفر ضرورة ؛ لأنه لا قائل بالفرق .

فصل في تفسير الآية

قال القفال{[59787]} : «فعَّالٌ لما يُرِيدُ » أي : يفعل ما يريد على ما يراه ، لا يعترض عليه ولا يغلبه غالب ، فيدخل أولياءه الجنة ، لا يمنعه مانع ، ويدخل أعداءه النار ، لا ينصرهم منه ناصر ، ويمهل العصاة على ما يشاء إلى أن يجازيهم ، ويعاجل بعضهم بالعقوبة إذا شاء ، فهو يفعل ما يريد .


[59785]:ينظر: الكشاف 4/733.
[59786]:ينظر: تفسير القرطبي (19/195).
[59787]:ينظر: الفخر الرازي 31/113.