مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{فَعَّالٞ لِّمَا يُرِيدُ} (16)

( وخامسها ) : أنه فعال لما يريد وفيه مسائل :

المسألة الأولى : فعال خبر مبتدأ محذوف .

المسألة الثانية : من النحويين من قال : { وهو الغفور الودود } خبران لمبتدأ واحد ، وهذا ضعيف لأن المقصود بالإسناد إلى المبتدأ إما أن يكون مجموعها أو كل واحد منهما ، فإن كان الأول كان الخبر واحد الآخرين وإن كان الثاني كانت القضية لا واحد قبل قضيتين .

المسألة الثالثة : احتج أصحابنا بهذه الآية في مسألة خلق الأفعال فقالوا : لا شك أنه تعالى يريد الإيمان فوجب أن يكون فاعلا للإيمان بمقتضى هذه الآية وإذا كان فاعلا للإيمان وجب أن يكون فاعلا للكفر ضرورة أنه لا قائل بالفرق ، قال القاضي : ولا يمكن أن يستدل بذلك على أن ما يريده الله تعالى من طاعة الخلق لابد من أن يقع لأن قوله تعالى : { فعال لما يريد } لا يتناول إلا ما إذا وقع كان فعله دون ما إذا وقع لم يكن فعلا له هذه ألفاظ القاضي ولا يخفى ضعفها .

المسألة الرابعة : احتج أصحابنا بهذه الآية على أنه تعالى لا يجب لأحد من المكلفين عليه شيء البتة ، وهو ضعيف لأن الآية دالة على أنه يفعل ما يريد ، فلم قلتم : إنه يريد أن لا يعطي الثواب .

المسألة الخامسة : قال القفال : فعال لما يريد على ما يراه لا يعترض عليه معترض ولا يغلبه غالب ، فهو يدخل أولياءه الجنة لا يمنعه منه مانع ، ويدخل أعداءه النار لا ينصرهم منه ناصر ، ويمهل العصاة على ما يشاء إلى أن يجازيهم ويعاجل بعضهم العقوبة إذا شاء ويعذب من شاء منهم في الدنيا وفي الآخرة يفعل من هذه الأشياء ومن غيرهما ما يريد .