وقوله : أُولَئِكَ الّذِينَ لَهُمْ سُوءُ العَذَابِ يقول تعالى ذكره : هؤلاء الذين لا يؤمنون بالاَخرة لهم سوء العذاب في الدنيا ، وهم الذين قتلوا ببدر من مشركي قريش وَهُمْ فِي الاَخِرَةِ هُمُ الأَخَسرُونَ يقول : وهم يوم القيامة هم الأوضعون تجارة والأَوكسوها باشترائهم الضلالة بالهدى فَمَا رَبحَتْ تِجَارَتهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ .
ثم توعدهم تعالى ب { سوء العذاب } ، فمن ناله شيء في الدنيا بقي عليه عذاب الآخرة .
ومن لم ينله عذاب الدنيا كان سوء عذابه في موته وفيما بعده ، و { الأخسرون } جمع أخسر لأن أفعل صفة لا يجمع إلا أن يضاف فتقوى رتبته في الأسماء . وفي هذا نظر{[8978]} .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{أولئك الذين لهم سوء} يعني: شدة {العذاب} في الآخرة {وهم في الآخرة هم الأخسرون}.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وقوله:"أُولَئِكَ الّذِينَ لَهُمْ سُوءُ العَذَابِ" يقول تعالى ذكره: هؤلاء الذين لا يؤمنون بالآخرة لهم سوء العذاب في الدنيا، وهم الذين قتلوا ببدر من مشركي قريش "وَهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخَسرُونَ "يقول: وهم يوم القيامة هم الأوضعون تجارة والأَوكسوها باشترائهم الضلالة بالهدى "فَمَا رَبحَتْ تِجَارَتهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ".
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
{أولئك الذين لهم سوء العذاب} أي لهم ما يسوءهم من العذاب في الآخرة لاختيارهم سوء الأفعال في الدنيا {وهم في الآخرة هم الأخسرون} [والخاسرون 2 واحد.
وجائز أن يقال: {هم الأخسرون} للقادة منهم والرؤساء لأنهم ضلوا بأنفسهم، وأضلوا غيرهم، هم أخسر من 3 الأتباع كقوله: {ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم} [النحل: 25].
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
... و {الأخسرون} أشدّ الناس خسراناً؛ لأنهم لو آمنوا لكانوا من الشهداء على جميع الأمم، فخسروا ذلك مع خسران النجاة وثواب الله.
{أولئك الذين لهم سوء العذاب} ففيه وجهان:
الأول: أنه القتل والأسر يوم بدر.
والثاني: مطلق العذاب سواء كان في الدنيا أو في الآخرة والمراد بالسوء شدته وعظمه.
الأول: أنه لا خسران أعظم من أن يخسر المرء نفسه بأن يسلب عنه الصحة والسلامة في الدنيا ويسلم في الآخرة إلى العذاب العظيم.
الثاني: المراد أنهم خسروا منازلهم في الجنة لو أطاعوا، فإنه لا مكلف إلا وعين له منزل في الجنة لو أطاع فإذا عصى عدل به إلى غيره فيكون قد خسر ذلك المنزل.
البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :
{أولئك}: إشارة إلى منكري البعث...والظاهر أن {الأخسرون} أفعل التفضيل، وذلك أن الكافر خسر الدنيا والآخرة، كما أخبر عنه تعالى، وهو في الآخرة أكثر خسراناً، إذ مآله إلى عقاب دائم.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{وهم في الآخرة هم} المختصون بأنهم {الأخسرون} أي أشد الناس خسارة لأنهم خسروا ما لا خسارة مثله، وهو أنفسهم التي لا يمكنهم إخلافها.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
قصد باسم الإشارة زيادة تمييزهم فضحاً لسوء حالهم مع ما ينبه إليه اسم الإشارة في مثل هذا المقام من أن استحقاقَهم ما يخبَر به عنهم ناشئ عما تقدم اسم الإشارة...
ففي الآية إشارة إلى جزاءين: جزاء في الدنيا معدود لهم يستحقونه بكفرهم، فهم ما داموا كافرين متهيئون للوقوع في ذلك العذاب إن جاء إبانه وهم على الكفر.
وجزاءٍ في الآخرة يَنَال من صار إلى الآخرة وهو كافر.
زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :
{وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ} الأخسرون جمع أخسر، وهو أفعل تفضيل على غير بابه، أي هم الذين خسروا خسارة ليس فوقها خسارة أبدا، وفيه تأكيد للقول الكريم، وقد أكد ثانيا ب (هم) التي تكررت، وأكد ثالثا بالقصر لتعريف الطرفين، أي هم وحدهم الأخسرون، ولا يخسر أحد سواهم.