الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَهُمۡ سُوٓءُ ٱلۡعَذَابِ وَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ هُمُ ٱلۡأَخۡسَرُونَ} (5)

قوله : { الأَخْسَرُونَ } في أَفْعَل قولان ، أحدهما : وهو الظاهرُ أنَّها على بابِها من التفضيل ، وذلك بالنسبةِ إلى الكفَّار من حيث اختلافُ الزمانِ والمكانِ . يعني : أنَّهم أكثرُ خُسْراناً في الآخرةِ منهم في الدنيا ، أي : إنَّ خُسْرانَهم في الآخرة أكثرُ من خُسْرانِهم في الدنيا . وقال جماعةٌ منهم الكرماني : " هي هنا للمبالغةِ لا للشِّرْكة ؛ لأن المؤمنَ لا خُسْران له في الآخرةِ البتة " . وقد تقدَّم جوابُ ذلك : وهو أنَّ الخسرانَ راجعٌ إلى شيءٍ واحدٍ . باعتبارِ اختلافِ زمانهِ و مكانِه .

وقال ابن عطية : " الأَخْسرون جمع " أَخْسَر " لأنَّ أَفْعَلَ صفةٌ لا يُجْمَعُ ، إلاَّ أن يُضافَ فَتَقْوى رتبتُه في الأسماء ، وفي هذا نظرٌ " . قال الشيخ : " ولا نظرَ في أنَّه يُجمع جَمْعَ سلامةٍ أو جمعَ تكسيرٍ إذا كان بأل ، بل لا يجوزُ فيه إلاَّ ذلك ، إذا كان قبله ما يُطابِقُه في الجمعيَّةِ . فتقول : " الزيدون هم الأفضلون والأفاضل " و " الهندات هنَّ الفُضْلَياتُ " ، والفُضُلُ . وأمَّا قوله : " لا يُجْمَعُ إلاَّ أَنْ يُضَافَ " فلا يَتَعَيَّنُ إذ ذاك جَمْعُه ، بل إذا أُضيف إلى نكرةٍ لا يجوزُ جَمْعُه ، وإن أضيف إلى معرفةٍ جاز في الجمعُ والإِفرادُ " .